السؤال
هل لو صدر طلاق عن الموسوس، طلق زوجته بسبب الوسوسة، أو بسبب ضيق الصدر الناتج عن الوسوسة وهو جاهل لحالات عدم وقوع الطلاق، واعتقد طلاق زوجته يعني لو أن أحدا قال له إن طلاقك لم يقع لوجد الراحة، لكن اعتقد أن طلاقه وقع وهو أصلا لم يقع لكن في نفس الوقت فرح لطلاقها لكن ليس رضا بالطلاق، يعني لو أنه علم بأن طلاقه لم يقع لرجع لزوجته. فهل شعوره بالفرح أو الرضا هو الرضا الذي يوقع الطلاق مع أن مثل ما قلت لولا الوسواس لما وقع منه شيء ولما طلق أبدا، إلا إذا أراده هو بكامل إرادته. فهل يقع الطلاق في هذه الحالة، يعني هل الشعور بالفرح أو الرضا لا أعرف ما هو بالضبط بعد حصول الطلاق نتيجة الوسواس يغير من حكم وقوع الطلاق؟ وهل هو في حكم المجنون أم المكره؟ وهل يوجد فرق بين حكم المجنون؟ وما حكم طلاق الموسوس الذي طلق زوجته بسبب الوسوسة لكن لجهله عدم وقوعه أو شعر في نفسه بنوع من الرضا، لكن في نفس الوقت لو أنه علم أن طلاقه غير واقع ما رضي به وظل مع زوجته. لا أفهم كيف أنا رجل موسوس، أنا أريد أن أقول إنه صدر مني اللفظ طلاق لكن ممكن أن أكون رضيت به بعد ساعات لجهلي عدم الوقوع، لكن لولا الوساوس لم أفعل شيئا، ولو أن أحدا قال لي لم يقع طلاقك لانتهى الأمر ورجعت عند زوجتي. أنتم تقولون إن المكره على الطلاق لو أنه أمضاه بعد زوال الإكراه يقع، فهل أنا أكون أمضيته بعد زوال الإكراه؟ وأساسا الوسواس لم يزل أبدا حتى في أحسن الأحوال عندي يظل عندي وسواس، أتمنى أن تفهموا ما أقصد وما أريد توضيحه؛ لأن الموسوس لا يقتنع بشيء إلا إذا فصل له الشيء تفصيلا، وما المقصود بكل كلمة في الفتوى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل من هذه الوساوس.
ثم أعلم أن الموسوس لا يقع منه الطلاق ولو نطق بلفظه صريحا ما لم يرده ويقصده قصدا حقيقيا في حال طمأنينة واستقرار بال، وذلك لأنه مغلوب على أمره في غالب أحواله فهو في حكم المكره.
جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين متحدثا عن طلاق الموسوس: إن المبتلى بوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به في لسانه إذا لم يكن عن قصد، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة بل هو مغلق مكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:لا طلاق في إغلاق. فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة.. انتهى.
وبناء على ما سبق، فإن كنت قد تلفظت بالطلاق بسبب الوسوسة وضيق الصدر ولم تقصد إيقاعه فلا شيء عليك، وزوجتك باقية في ذمتك، فأبعد عنك تلك الوساوس والشكوك ولا تلتفت إليها.
ولا ينطبق على حالتك حكم طلاق المكره إذا أمضاه بعد زوال الإكراه، لأن إمضاءه لهذا الطلاق لا يحصل بمجرد الرضا، بل لا بد أن يصدر منه ما يدل على قصد إيقاع الطلاق طائعا مختارا، أو تظهر منه قرينة تدل على اختياره للطلاق.
جاء في التاج والإكليل للمواق المالكي : ومن المعين ما نصه : من أكره على طلاق زوجة أو عتق عبده ثم أجاز ذلك آمنا لزمه.انتهى.
وفي شرح الخطيب لأبي شجاع الشافعي: فإن ظهر من المكره قرينة اختيار منه للطلاق كأن أكره على ثلاث طلقات فطلق واحدة، أو على طلاق صريح فكنى ونوى، أو على تعليق فنجز أو بالعكس لهذه الصور وقع الطلاق في الجميع؛ لأن مخالفته تشعر باختياره فيما أتى به. انتهى.
فعلم من هذا أن مجرد شعورك بالرضا والفرح بالطلاق لا يوقعه ولو كنت غير موسوس، مع العلم أنه ليس فرحا أو رضا بالطلاق، وإنما هو فرح بالتخلص من عدم الارتياح الذي تسببه الوساوس، فهو أثر من آثار الوسوسة كما بين ذلك المختصون في علم النفس.
فتبين مما تقدم أن طلاقك غير نافذ، وزوجتك باقية في ذمتك كما كانت، فأبعد الوساوس عن نفسك ولا تلتفت إليها.
والله أعلم.