السؤال
إذا ارتد مسلم ثم رجع إلى الإسلام ونطق الشهادة ولكن بغير غسل فهل شهادته وعباداته صحيحة أم لا؟
إذا ارتد مسلم ثم رجع إلى الإسلام ونطق الشهادة ولكن بغير غسل فهل شهادته وعباداته صحيحة أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاغتسال المرتد ليس شرطا لصحة إسلامه، بل متى نطق بالشهادتين فإسلامه صحيح، وهل يجب عليه الغسل أو لا؟ في ذلك أقوال للعلماء، فمنهم من أوجبه مطلقا ومنهم من لم يوجبه مطلقا، وفصل بعض العلماء فقال بوجوبه إن ارتكب حال ردته ما يوجب الغسل وأما إن لم يرتكب في حال ردته ما يوجب الغسل فلا غسل عليه، وهذا قول الشافعية وهو تفصيل حسن.
قال الشيرازي في المهذب: وإذا أسلم الكافر ولم يجب عليه غسل في حال الكفر فالمستحب أن يغتسل ، لما روى : أنه أسلم قيس بن عاصم فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل. ولا يجب ذلك لأنه أسلم خلق كثير ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل، وإن وجب عليه غسل في حال الكفر ولم يغتسل لزمه أن يغتسل، وإن كان قد اغتسل في حال الكفر ، فهل يجب عليه إعادته فيه وجهان أحدهما : لا تجب إعادته لأنه غسل صحيح ، بدليل أنه تعلق به إباحة الوطء في حق الحائض إذا طهرت ، فلم تجب إعادته كغسل المسلم والثاني : تجب إعادته وهو الأصح لأنه عبادة محضة ، فلم تصح من الكافر في حق الله تعالى ، كالصوم والصلاة. انتهى.
وقال النووي مبينا رجحان هذا القول بعد ذكر الخلاف في المسألة: احتج أصحابنا بما ذكره المصنف وهو أنه أسلم خلق كثير ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإغتسال ، ولأنه ترك معصية فلم يجب معه غسل كالتوبة من سائر المعاصي ، والجواب عن حديثيهما من وجهين أحدهما: حملهما على الاستحباب جمعا بين الأدلة ، ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم أمر قيسا أن يغتسل بماء وسدر واتفقنا على أن السدر غير واجب الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم علم أنهما أجنبا لكونهما كانت لهما أولاد، فأمرهما بالغسل لذلك لا للإسلام. انتهى.
وبناء على هذا الترجيح فإن الكافر إذا أسلم وهو جنب وجب عليه أن يغتسل، ولا تصح عباداته المفتقرة إلى الغسل كالصلاة ونحوها حتى يغتسل، وأما إن لم يكن تلبس حال كفره بما يوجب الغسل فعباداته صحيحة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني