الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بين الدعاء على الكفار والدعاء لهم

السؤال

استنكر الفوزان وأنا استنكرت فتواه: قال إن الدعاء على غير المسلمين عمومًا اعتداء لا يجوز ضاربا مثلا بدعاء يكثر ترديده عند أئمة المساجد ومفاده: اللّهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ـ مبينا أنه مخالفة في الدعاء وفيه إثم وظلم متسائلاً لماذا لا يقال: اللهم اهدهم؟ على حسب قوله، وبعد اجتهاد إحدى الأخوات في هذه المسألة استدلت بهذه الآية: وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين الا تبارا ـ وأنا أيضا بحثت ووجدت هذه في موقعكم: الفتوى رقم: 19230، عنوان الفتوى: أدلة الدعاء على الكافرين كافة بمن فيهم أهل الكتاب، تاريخ الفتوى: الثلاثاء 4 جمادي الأولى 1423ـ 14-7-2002
السؤال:
1ـ ما حكم الدعاء على مطلق النصارى دون المقاتلين منهم؟.
1ـ سبق برقم: 7394.
2ـ فإنه يجوز الدعاء على مطلق الكفار سواء كانوا مقاتلين، أو غير مقاتلين، ويدخل فيهم اليهود والنصارى والوثنيين والملاحدة، ويدل على ذلك: قوله تعالى عن نوح عليه السلام: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً { نوح:26}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق. رواه أحمد.
قال النووي في شرح مسلم في شرحه لحديث: وانقل حماها إلى الجحفة ـ قال الخطابي وغيره: كان ساكنو الجحفة في ذلك الوقت يهودا، ففيه دليل الدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك، وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها، وكشف الضر والشدائد عنهم، وهذا مذهب العلماء كافة. انتهى.
قال العراقي في طرح التثرتب 2ـ292 في شرح حديث قنوت النبي صلى الله عليه وسلم على الكفار: فيه جواز الدعاء على الكفار ولعنهم، قال صاحب المفهم: ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم، واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي فأجازه قوم ومنعه آخرون. انتهى
وقال ابن العربي في أحكام القرآن 4ـ269: في تفسير قوله تعالى عن نوح عليه السلام: رب لا تذر على الأرض ـ المسألة الثانية: دعاء نوح على الكافرين أجمعين، ودعاء النبي صلى الله وعليه وسلم على من تحزب على المؤمنين، وألب عليهم، وكان هذا أصلاً في الدعاء على الكفار في الجملة، فأما كافر معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه، لأن مآله عندنا مجهول. انتهى.
3ـ سبق برقم: 10809.
أرجو التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من اختصاصنا تقييم فتاوى الدعاة وأهل العلم، أو نقدها, لكننا نفتي بما نراه الحق والصواب في ضوء فهمنا للنصوص الشرعية وكلام أهل العلم الثقات عليها, وما ذكرنا في هذه المسألة في هذه الفتوى المذكورة هو الحق ـ إن شاء الله ـ وهو أن الدعاء على الكفار جائز، وقد يكون الأفضل في بعض الأحوال الدعاء لهم لا عليهم وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم دعا لبعض الكفار بالهداية، كما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اهد دوسا.

وفي الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: أنه صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اهد ثقيفا.

وقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله ـ فكان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم.

وقد بينا في الفتوى رقم: 49180، ما يجوز من الدعاء للكفار وما لا يجوز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني