السؤال
سقط قلبي من محله عندما قرأت فتوى رقم: 146845 لأنني عندما أتوضأ وعندما أصل إلى الرجلين أقوم بخلع الجورب اليمين ثم أغسلها وأعيده، ومن ثم أقوم بخلع الجورب الشمال وأغسلها وأعيده. مع العلم أنهما جوربان وليسا خفين. مع العلم أنني كثيرا ما أقوم بتبديلهما كل يوم تقريبا. فهل صلاتي طوال السنين الفائتة خطأ؟ وما العمل الان؟ والله إني كنت أجهل تماما هذا الموضوع، وكنت أعتقد أنه لا مشكلة فيه أبدا. أفتوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا بد من التنبيه أولا على أن المسح على الجوربين يشترط فيه ما يشترط في المسح على الخفين جاء في المغني لابن قدامة :
إنما يجوز المسح على الجورب بالشرطين اللذين ذكرناهما في الخف. أحدهما: أن يكون صفيقا لا يبدو منه شيء من القدم. الثاني أن يمكن متابعة المشي فيه. هذا ظاهر كلام الخرقي. انتهى
وفي حاشية الصاوي على الشرح الصغير المالكي :
ومثل الخف الجورب ، بفتح الجيم وسكون الواو وهو ما كان من قطن أو كتان أو صوف جلد ظاهره ، أي كسي بالجلد بشرطه الآتي .انتهى.
وفي خصوص ما سألت عنه فإن الوضوء الذي قلت إنك تفعله صحيح . وليس المقصود في الفتوى التي أشرت إليها أن الوضوء لا يصح لصاحبه أن يمسح على الجوربين عندما يريد أن يتوضأ مرة أخرى .
فإن كنت تقصد أنك تتوضأ وتلبس الجوربين على الطريقة التي ذكرت، ثم إذا أرت وضوءا آخر فعلته وغسلت رجليك فهذا فعل الصلاة به صحيحة ولا شيء عليك .
وإن قصدت أنك تمسح على الجوربين بعد لبسهما على الصفة المذكورة فالجواب أنه لا يجزئ المسح عليهما؛ إذ لا بد لصحة المسح من لبس الجوربين معا على طهارة كاملة هذا مذهب الجمهورخلافا للحنفية.
جاء في الموسوعة :
لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لُبْسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ لَبِسَ الْمُتَوَضِّئُ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ قَبْل غَسْل الرِّجْل الأُْخْرَى ثُمَّ غَسَل الأُْخْرَى وَلَبِسَ عَلَيْهَا الْخَفَّ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْمَسْحُ لأَِنَّهُ لَمْ يَلْبَسْ عَلَى كَمَال الطَّهَارَةِ. انتهى.
وفي بدائع الصنائع :
وبيان ذلك أن المحدث إذا غسل رجليه أولا ولبس خفيه ثم أتم الوضوء قبل أن يحدث ثم أحدث جاز له أن يمسح على الخفين عندنا لوجود الشرط هو لبس الخفين على طهارة كاملة وقت الحدث بعد اللبس، وعند الشافعي لا يجوز لعدم الطهارة وقت اللبس لأن الترتيب عنده شرط، فكان غسل الرجلين مقدما على الأعضاء الأخر ملحقا بالعدم فلم توجد الطهارة وقت اللبس، وكذلك لو توضأ فرتب لكنه غسل إحدى رجليه ولبس الخف ثم غسل الأخرى ولبس الخف قيل لا يجوز عنده وإن وجد الترتيب في هذه الصورة لكنه لم يوجد لبس الخفين على طهارة كاملة وقت لبسهما حتى لو نزع الخف الأول ثم لبسه جاز المسح لحصول اللبس على طهارة كاملة، ولنا أن المسح شرع لمكان الحاجة والحاجة إلى المسح إنما تتحقق وقت الحدث. انتهى.
وعلى الافتراض الثاني فقد علمت مما ذكر أن مذهب الجمهور بطلان المسح الذي تفعله في وضوئك، وبالتالي فتلزمك إعادة جميع الصلوات التي أديتها بوضوء مسحت فيه على الجوربين الملبوسين على طهارة غير كاملة.
أما على مذهب الحنفية فالمسح صحيح ولا إعادة عليك وقد ذكرنا في الفتوى رقم 125010لا حرج في الأخذ بالمذهب المرجوح لمن عمل بمقتضاه جاهلا، وعليه فلك الأخذ بمذهب الحنفية، وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من ترك شرطا من شروط الصلاة أو ركنا من أركانها جاهلا لم تلزمه الإعادة . وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 1252260
والله أعلم .