الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أم وابن وسبع بنات، وأوصى لبعض أولاده بمالٍ نظيرَ تزويجه لآخرين

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال: (ابن) العدد 1
- للميت ورثة من النساء: (أم)
(بنت) العدد 7
- وصية تركها الميت تتعلق بتركته هي: قبل وفاته قال لوالدتي: لقد زوّجت خمسة من أبنائي، وبقي ثلاثة (ابن، وابنتان)، ويأخذ كل واحد من هؤلاء الثلاثة 50 ألفًا لمصاريف زواجه، ثم تقاسموا الإرث بشرع الله.
كما أوصى أن لا يتم تقسيم بيتنا إلا بعد وفاة والدتي -أطال الله عمرها-، وقال: البيت تظلّ فيه زوجتي، ولا يباع إلا إذا توفيت، وبعد وفاتها يقسم بشرع الله، فهل يجوز تنفيذ ما أوصى به الميت -رحمة الله عليه-؟ أرجو الإجابة بالتفصيل -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء: إن وصية والدكم بعدم قسمة البيت بين الورثة قبل وفاة الوالدة هي وصية غير لازمة شرعًا؛ لأن البيت يصير ملكًا للورثة بمجرد موته، ولكل واحد منهم الحق في المطالبة بنصيبه منه، وكذا وصيته بجزء من المال لبعض أولاده نظير تزويجه لآخرين، هي وصية لا عبرة بها، وليست نافذة؛ لكونها وصية لوارث، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. رواه الترمذي، والدار قطني، وزاد: إلا أن يشاء الورثة.

وإذا زوّج الوالد أحد أولاده، فإنه ليس له أن يوصي بنقص حصته من الميراث مقابل تزويجه له، قال ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: ولهذا من الخطأ الفادح، والجهل الفاضح أن بعض الناس إذا زوّج أولاده الكبار الذين لا يستطيعون الزواج لأنفسهم، وله أولاد صغار، أوصى لأولاده الصغار بقدر ما أعطى الكبار للنكاح، وهذا غلط حتى لو مات، فالوصية لا تنفذ، ويعطى ما أوصى به للصغار يدخل في التركة، ويقسم على فرائض الله اهـ. من لقاء الباب المفتوح.

والسؤال فيه غموض، وذلك أن السائل لم يذكر في قائمة الورثة أن الميت ترك زوجة، وإنما ذكر أنه ترك أمًّا، فلا ندري هل يقصد بالأمِّ أمَّ السائل، أمْ أمَّ الميت؟

وعلى كل حال؛ فإذا كان الميت ترك أمّه، وابنه، وبناته السبع، ولم يترك وارثًا غيرهم؛ كزوجته مثلًا، فإن لأّمه السدس فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}.

والباقي للابن والبنات تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.

فتقسم التركة على أربعة وخمسين سهمًا: للأم سدسها -تسعة أسهم-، وللابن عشرة أسهم، ولكل بنت خمسة أسهم.

وإن كان المقصود بالأمّ أنها زوجة، وسمّاها السائل أمًّا؛ باعتبار قرابتها من الأبناء، فإن حصتها تكون الثمن؛ لوجود الفرع الوارث، ويكون الباقي بين الابن والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.

فتقسم التركة على اثنين وسبعين سهمًا: للزوجة ثمنها -تسعة أسهم-، وللابن أربعة عشر سهمًا، ولكل بنت سبعة أسهم.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًّا، وشائك للغاية، ومن ثم؛ فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى، لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة-؛ تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني