الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف أبوها بطلاق أمها إن ذهب أحد من العائلة إلى مركز التحفيظ

السؤال

أشكركم أولا على إجابتكم على سؤالي السابق. جزاكم الله خير الجزاء، فقد ساعدتموني كثيرا، وإني اليوم في مشكلة كبيرة أرقت ليلي وأظلمت نهاري، وأرجو أن يتسع صدركم لشرحها.بدأت المشكلة بخلافات مع زوجة أخي الوحيد التي تسكن معنا، ولا أريد أن أدخلكم بالتفاصيل، ولكني كنت أعاملها معاملة جيدة جدا، وهي صديقتي وزميلتي في مركز التحفيظ قبل أن تكون زوجة أخي، وأنا من خطبها، ولكن بدأت المشاكل تتصاعد منذ شهر تقريبا في أمور خاصة بأعمال المنزل، فهي لا تعمل كثيرا، وأيضا إن عملت فعملها غير نظيف وغير متقن، وترفض أن يعلمها أحد، وفي المرة التي أشعلت النار رفضت أن تعمل، وبدأت بالصياح على أهلي وأبي وأمي، والمهم من حينها اشتعلت النار في بيتنا، فأبي عصبي جدا ومريض بالقلب، وأخي وقف إلى جانب زوجته، وخاصمنا جميعا ولم يحدثنا إلى الآن.سؤالي على ثلاثة محاور1- أنا برأيي لم أظلمها، ولا أريد أن أكون ظالمة، ولكنها أساءت إلي وأنكرت الجميل، ولم تراع تعاملي الحسن معها، فأنا أدعو الله ليل نهار أن يهديها، ويأخذ حقي منها. فما الذي يجب علي فعله لكي لا أكون ظالمة فعلا؟2- أخي أنا لم أحادثه ولم أجادله خلال كل المشكلة، ولكنه قطع حديثه معي ومع أختي بعد هذه المشكلة مع زوجته، وأنا حزينة جدا لفعله هذا، فهل أنا آثمة؟ علما أن زوجته تسلم علي وهو لا يفعل.3 - المصيبة والطامة الكبرى هنا، فقد حلف أبي بطلاق أمي إن ذهب أي شخص من عائلتنا إلى مركز التحفيظ، وأنا حياتي كلها متعلقة بهذا المركز، فحفظي للقرآن ودراستي للفقه فيه، وتواصلي مع الأخوات وعملي في جمع الصدقات والعمل الدعوي؛ فضلا عن تعلمي من أستاذتي في الدعوة. فماذا أفعل هل أجلس بلا ذهاب، وأحطم كل طموحي أمام عيني ؟ وما ذنبي لكي يحلف بيمين الطلاق هذا؟أرجوكم ساعدوني وأجيبوني، فأنا لا أقدر عن الامتناع عن مركز التحفيظ إنه حياتي كلها، فكيف يمنعوني من حياتي. ادعوا لي رجاء فدموعي أوشكت على الجفاف ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت بدعائك لهذه المرأة أن يهديها الله تعالى، وينبغي أن تنصح برفق ولين ويبين لها خطأ ما قد تخطئ فيه، وإذا أردت أن لا تكوني ظالمة لهذه المرأة فعليك أن تؤدي حقها عليك، فإن كان بينك وبينها رحم فيجب عليك صلتها بما هو ممكن من وجوه الصلة. وإن لم يكن بينك وبينها إلا حق الإسلام، فحق المسلم على المسلم بيناه بالفتوى رقم : 6719.
وأما بالنسبة لأخيك فإذا حصلت القطيعة من جهته فإنه هو الذي يأثم بذلك، وإذا لم تحصل قطيعة من جهتك فلا تأثمين بذلك، ويجب عليك صلته وإن قطعك، وأدنى الصلة كما قال القاضي عياض : أدنى الصلة ترك المهاجرة والصلة بالكلام ولو بالسلام . اهـ ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم : 47724.
وأما يمين الطلاق التي تلفظ بها أبوكم فإن حصل ما حلف عليه بأن ذهب أي شخص من العائلة إلى مركز التحفيظ، فإن الطلاق يقع في قول الجمهور، سواء قصد إيقاعه أو قصد التهديد والمنع. وهذا هو القول الذي نفتي به.

ومن العلماء من ذهب إلى أنه إذا قصد المنع لا يقع الطلاق، وإنما تلزمه كفارة يمين. وراجعي الفتوى رقم : 19162. وننبه هنا إلى أنه إذا كان للحالف نية معينة أو سبب فزال السبب أنه لا يحنث بوقوع ما حلف عليه. وراجعي الفتوى رقم : 53220.

وبقي النظر في مسألة وهي : هل يجوز لك الذهاب إلى مركز التحفيظ ومخالفة أبيك؟ والجواب هو أن أهل العلم قد نصوا على أن العقوق يحصل بكل فعل يـتأذى به الوالد تأذيا ليس بالهين مع كون هذا الفعل ليس واجبا. وراجعي الفتوى رقم : 76303. فإن لم يكن الذهاب إلى هذا المركز متعينا فلا يجوز لك فعل ما يكون به تحنيث الوالد، فيقع الضرر على الوالدين معا بحصول الطلاق، فإن الطلاق المعلق على فعل يقع بحصول المعلق عليه مطلقا في قول جمهور الفقهاء وهو القول الذي نفتي به. وانظري الفتوى رقم : 19162.
وينبغي البحث في وسيلة أخرى يمكن أن يتحقق بها الغرض وهو حفظ القرآن وتعلم العلوم والمشاركة في الأعمال الخيرية من غير الذهاب إلى مركز التحفيظ الذي حلف والدك على عدم مجيئك له .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني