الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل على الموظف حرج إن صرف إليه راتبه عن طريق بنك ربوي

السؤال

أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع القيم والثري، والمجهود الذي تبذلونه من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الكفر والشرك والإلحاد هي السفلى، وأنا دوما من الأوفياء لهذا الموقع الذين يزورنه وينتفعون به، وبما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة والدعوة إلى الله وسنة رسوله. أنا موظف في القطاع الحكومي، وبالتحديد في إحدى الوزارات منذ خمسة أشهر، وأعمل في ميدان الإعلامية والبرمجيات والشبكات حيث أقوم بتوفير الخدمات اللازمة للموظفين معي. وسؤالي هو أنني كثيرا ما أقرأ في كتب الفقه والأحكام، ومنها الحلال والحرام أن من لم يبال بما اكتسبه من مال أهو من الحلال أم من الحرام لم يبال الله من أي باب من أبواب جهنم حشره يوم القيامة، وعلى أثر هذا فإني أتقاضى راتبي الشهري مقابل المهمة التي أقوم بها، ولكني لا أعرف إن كنت أتقاضاه من مصدر حلال أم حرام، أم إن كان مالا مختلطا، وكيف لي أن أعرف ذلك، وعندنا أن صرف الأجور والرواتب الشهرية يتم عن طريق وزارة المالية المشرفة على توزيع المهنيين والموظفين العاملين بكل القطاع الحكومي في بلدنا، ولا علم لي إن كان حلالا أو حراما. فهل يجوز تناوله واستعماله في النفقة وغيرها مما يرضى الله ورسوله؟ أم ينبغي النظر في مصدره مع العلم والحكم عليه بحسب ما يتأتى من مصدر حلال أحل به أو مصدر حرام كأن يكون عن طريق بنك ربوي حرم به، أو كان مختلطا حلاله بحرامه. أفيدونا بما آتاكم الله من العلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيرا على تحريك للحلال، واستفسارك عما لا تعلمه من أمر دينك، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم النقي الذي يخشى على آخرته ويحرص عليها أكثر من حرصه على دنياه.

وأما ما سألت عنه فجوابه أنه إذا كان مجال عملك في الوزارة فيما هو مشروع فلا حرج عليك فيما تأخذه عليه من أجر، ولو كان يصرف إليك عن طريق بنك ربوي، لأن هذه الأوراق النقدية لا يتعلق الحرام بذاتها، فلا يضر أن تختلط أموال جهة العمل بأموال البنك الذي توكل إليه صرف رواتب العمال .

والأثر الذي ذكرته لايصح، وقد أورده الغزالي في كتابه الإحياء، وأخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر. قال ابن العربي في عارضة الأحوذى شرح الترمذي: إنه باطل لم يصح ولا يصح.

وينبغي للمؤمن أن يتحرى الحلال، وسيسئل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. كما في الحديث : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يٍسأل عن أربع .. ومنها: "وعن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه " رواه الترمذي. لكن ذلك لايعني أن ينقب ويفتش عن مال كل من يعامله؛ لأن ذلك من التنطع المذموم.

وهنا كلمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تنفعك في هذا الباب حيث يقول: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالا أو خانه في أمانته أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة ولا وفاء عن أجرة ولا ثمن مبيع ولا وفاء عن قرض فإن هذا عين مال ذلك المظلوم ، وإن كان مجهول الحال فالمجهول كالمعدوم. والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إن ادعى أنه ملكه ، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلاً بذلك ، والمجهول كالمعدوم ، لكن إن كان ذلك الرجل معروفا بأن في ماله حراماً ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراما ففيه نزاع بين العلماء ، وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلاً، ومن ترك معاملته ورعاً كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان " اهـ بتصرف يسير من مجموع الفتاوى.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني