الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى صحة دعاء (اللهم إنك آمن من كل شيء..)

السؤال

هذا الدعاء ما صحته، وهل معانيه صحيحة ولكم الشكر.الدعاء هو: اللهم إنك آمن من كل شيء وكل شيء خائف منك، فبأمنك من كل شيء وبخوف كل شيء منك آمني مما أخاف يا الله يا الله يا ستار يا ستار استرني بسترك الواقي الذي سترت به ذاتك فلا عين تراك ولا يد تصل إليك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبي الله ونعم الوكيل، 7 مرات. )

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس هذا الدعاء واردا في كتاب ولا سنة، ولا هو فيما نعلم قول أحد من الذين يقتدى بهم من سلف الأمة وأئمتها، وعلى هذا الدعاء بعض مؤاخذات فيما يظهر لنا، فمنها وصف الله تعالى بأنه آمن من كل شيء فهو وإن كان حقا في نفسه فإن أحدا لا يقدر على التوصل بضر إليه سبحانه وتعالى لكنه لم يرد بهذا اللفظ في النصوص بحسب علمنا، وكذا قول يا ستار، فإنه لم يرد في النصوص تسمية الله سبحانه بهذا الاسم، والورع تجنب إطلاق ما لم يرد إطلاقه في باب الأسماء والصفات، ومنها إطلاق أن كل شيء خائف منه تعالى، فمن المعلوم أن كثيرا من الناس لا يخافون الله تعالى ولا يعظمونه وهذا حال الكفار والمنافقين، ومن ثم قال نوح عليه السلام لقومه: مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا {نوح:13} .

قال الشوكاني: أي أي عذر لكم في ترك الرجاء والرجاء هنا بمعنى الخوف : أي مالكم لا تخافون الله، والوقار العظمة من التوقير وهو التعظيم والمعنى لا تخافون حق عظمته فتوحدونه وتطيعونه. انتهى.

ومنها سؤال العبد ربه أن يستره بستره الذي ستر به ذاته حتى لا تراه الأعين فإنه كلام فج منكر، وفي الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

قال ابن القيم: النور الذي هو حجاب الرب تعالى يراد به الحجاب الأدنى إليه وهو لو كشف لم يقم له شيء كما قال ابن عباس في قوله عز و جل { لا تدركه الأبصار } قال : ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى به لم يقم له شيء. انتهى.

فعلى المسلم أن يتأدب في دعائه ربه تعالى، وأن يجانب هذه الأدعية المحدثة التي قد تتضمن من المحاذير وسوء الأدب في خطاب الرب تعالى والدعاء بما لا يشرع الدعاء به الكثير، ومن أراد السلامة فليقتصر على الوارد من الأدعية في الكتاب والسنة فإنها أدعية جامعة لكل خير فضلا عما فيها من البركة العظيمة والفضل الكبير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني