الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استدراك ما فات من بر الأب ممكن

السؤال

لا أدري من أين أبدأ رسالتي. توفي أبي وهو غضبان علينا، كنا نعامله رحمه الله كأحد غريب غير مرغوب فيه في البيت، كنا نأكل أشهى المأكولات من غير مشاركته لنا وبدون علمه، كان يطلب منا شيئا ونعمل العكس، وذلك تلبية لرغبة أمنا، كانت تكرهه كرها تاما؛ لأنه إنسان مهمل، لم يكن سكيرا، ولكن كان يسهر في الليل، لا يأتي حتى منتصف الليل، كان رحمه الله إذا مرض أحد من إخوتي يهرب إلى عمله لكي لا يتحمل مسؤولية الذهاب به إلى الطبيب. كنا نتشاجر معه كأحد أصدقائنا الذين لا نحترمهم. مرض أبي ولكن لم نول اهتماما لمرضه على أساس أنه كاذب، لم نقم بالواجب تجاهه، أصبح بيتنا في تلك الفترة جحيما، كنت أدخل إلى البيت ورأسي يكاد يقتلع من الصداع. أمي في اليوم بطوله وعرضه لا تكف عن الشجار مع أي أحد من دون سبب، وتشتكي من أبي على أنه يتمارض وليس مريضا، بينما هو كان طريح الفراش، وفي أحد تلك الأيام شعرت بالقنوط اتجاه المعيشة التي نعيشها، بينما أمي كانت تشتكي لنا قلت لها "يارب يموت عشان يستريح ونستريح" فما فتواكم يا شيخنا في هذا. كان يطلب مني أن أذهب لأعمل كنت أرفض، وقلت له إني في حالة تربص، رغم أنني كنت أعمل، وفي نهاية الأسبوع قررت أنني في بداية الأسبوع القادم سآخذه إلى الطبيب وأقوم بالواجب، ولكن مات رحمه الله قبل ذلك. وأنا الآن نادم على ما كنا نفعله به فما هي توبتنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الأولاد بر والديهما وطاعتهما في المعروف، ولا تجوز طاعة أحد الوالدين في مقاطعة الآخر ،
فما كان منكم من الإساءة لوالدكم والجفاء في معاملته وإهمال رعايته حال مرضه -على النحو المذكور- عقوق له ، كما أن الدعاء على الوالد من أشد أنواع العقوق وإن كان ظالماً ، وانظري الفتوى رقم : 59562.
لكن من رحمة الله أنه مهما عظم الذنب فإن التوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، فما دمت تشعرين بالندم على ما وقعت فيه من العقوق فذلك من التوبة ، وننصحكم بالإكثار من الأعمال الصالحة، ولا سيما بر أمكم، فإن برها من أفضل القربات ، كما يمكنكم استدراك ما فاتكم من برّ والدكم، وذلك بالدعاء له والصدقة عنه وصلة الرحم وإكرام أصدقائه ، وانظري في ذلك الفتوى رقم : 18806.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني