السؤال
والدي غير ملتزم بالدين، هو لا يصلي ومدخن، وفي بعض الأحيان سب الملة، ويغضب أمي دائما، وهو تاركها في النوم منذ فترة طويلة اجتازت العام وأكثر، وفي يوم من الأيام تناول جوال أمي بهدف بيعه، فقامت أمي بإعطائه جوالا ثانيا (قذفا) رمته رميا، وغضب أبي، ولحق بها، ولم ينل منها بفضل الله، ورمى عليها الطلاق عداً ثلاث مرات، وهي عابدة ومطيعة لله، ودائما تقضي وقتها على كتاب الله. ما الحكم؟ وما واجبات أمي؟ هل لها أن تخرج معي أم لا؟ وما هي حقوقها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك على الحال الذي ذكرت عنه فهو مفرط في حق ربه بسبه الملة وتركه الصلاة وممارسته التدخين. وأعظم هذه الأمور خطرا سبه للملة، فهذا قد يخرجه عن ملة الإسلام كما سبق وأن بينا بالفتوى رقم: 144513. فيجب حينئذ على أمك رفع أمره للقاضي الشرعي إن صح عنه ذلك ولم يتب منه. فإن رأى القاضي كفره، فإن تاب وعاد إلى الإسلام وهي في عدتها منه عادت إليه بالنكاح الأول. وإن أصر على كفره حتى انتهت العدة بانت منه. وراجع في حكم زوجة المرتد الفتوى رقم: 25611.
وترك الصلاة أمر خطير أيضا حتى أن بعض الفقهاء ذهب إلى كفر تاركها ولو تهاونا من غير جحود. والجمهور على عدم كفرتاركها تهاونا كما هو مبين بالفتوى رقم: 1145.
والتدخين محرم أيضا، وقد أوضحنا ذلك بأدلته بالفتوى رقم 1819. وهذا فيما يتعلق بتفريطه في حق ربه.
وهو مفرط أيضا في حق زوجته بسوء معاملته لها ومنعه حقها في الفراش. وإذا كان على ذلك الحال في تعامله مع ربه، فلا يستغرب من مثله أن تكون معاملته مع زوجته على الحال المذكور أو أسوأ. وانظر الفتوى رقم 8935.
وعلى كل فإن الواجب بذل النصح لهذا الرجل وتذكيره بالله تعالى، وليكن ذلك بلطف ولين مع الاستعانة بالله تعالى أولا، ثم بالعلماء والفضلاء من الناس عسى الله أن يجعلهم سببا لهدايته. ومن جهتك أنت فإن الواجب عليك بره والإحسان إليه مهما وقع منه من تفريط في حق أمك.
وأما الحقوق بين الزوجين فتظل باقية ما دامت الزوجية قائمة، فلا يجوز لأحدهما منع الآخر شيئا من حقه لغير سبب مشروع، ومن ذلك طاعة الزوجة لزوجها، واستئذانها له عند الخروج من البيت. ولمعرفة الحقوق بين الزوجين راجعي الفتوى رقم: 27662.
وأما إذا زالت العصمة بينهما لردة أو نحو ذلك لم تكن له عليها طاعة، ولا يلزمها استئذانه للخروج من البيت أو غير ذلك من حقوق الزوجية. وإذا كانت الردة بعد الدخول استحقت النفقة ما دامت في العدة. ففي أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي قوله:( وعلى المرتد نفقة زوجته المدخول بها؛ لأنها لم تحدث شيئا والزوج هو الذي أحدث الردة) اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني:( وإن كان هو المرتد فعليه النفقة للعدة؛ لأنه بسبيل من الاستمتاع بها بأن يسلم، ويمكنه تلافي نكاحها، فكانت النفقة واجبة عليه كزوج الرجعية) اهـ. وكذلك تستحق المهر كاملا، لأنه ثابت بالعقد عليها وهو من حقوق النكاح، ولم تكن الردة من قبلها حتى يسقط مهرها. قال ابن قدامة أيضا:( إذا ارتد أحد الزوجين أو ارتدا معا، منع وطؤها، فإن وطئها في عدتها وقلنا : إن الفرقة تعجلت . فلها عليه مهر مثلها لهذا الوطء مع الذي يثبت عليه بالنكاح...) اهـ.
وأما بالنسبة لطلاق المرتد فراجع فيه الفتوى رقم 94735. وراجع في طلاق الثلاث الفتوى رقم: 54257
والله أعلم.