الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر الأخت أختها الفاسقة

السؤال

لي أخت تكبرني بخمس سنوات، ولكنها إنسانة لا تخاف الله ولا تصلي وتسرق وتكذب وتحب اللغو والغيبة والنميمة والمن. متزوجة ولكنها فاشلة من الطراز الأول؛ لا تنظف بيتها ولا تصون زوجها ولا تحترمه، وحتى زوجها تسرقه وتكذب عليه وهو كثير الشك فيها، لأنها كثيرا ما تخرج من البيت ولها علاقات مشبوهة لم أر بعيني، ولكن كثيرا ما يزورها رجال أو يتصلون عليها، وكثيرا ما أراها تتصل وتتكلم مع رجال لا أعرف من هم، وعندما أسألها تقول إنه زميلي في العمل، كل ذلك في كف، وعندما سرقت ذهب أمي الذي جمعته طوال عمرها في كف آخر، فهي سرقت أمي، والحمدلله أن أمي نجت من ذلك ولم تصب بجلطة أو تمت من ذلك الخبر، لأننا مررنا بظروف مالية قاسية، وكانت أمي تحتفظ بالمال وتريد أن تخرجه في وقت احتجنا له، ولكنها سرقته في ذلك الوقت الحرج ودمرتنا نفسيا، فأنا وبأمانة يا شيخ لم أتصل بها أو أكلمها مما يقارب سنة أو أكثر، لأنها لا ترى نفسها مخطئة، ولا تحب أن يقول لها أحد أنت مخطئة فأصبحت لا أكلمها، لأنها لا تخشى الله وكادت أن تودي بحياة أمي من أجل الدنيا، وإخوتي يكلمونها ولكني أكرهها فعلا، ولا أريد أن أكلمها، وهي لا تحاول كثيرا الاتصال علينا لا أعرف ماذا أفعل؟ لأني كثيرا ما أفكر في الآخرة وأهمية صلة الرحم ولكن لا أعرف في حالتي هذه هل يجب علي التواصل معها؟ مع العلم بأنها هي وإبليس واحد؟ أخاف من شرها وأكره ما فعلته بأمي أغلى إنسانة في حياتي، والسوال هو: هل أتواصل معها؟ أم أبقى على ما أنا عليه، لأنه لا فائدة من التواصل معها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها، ولم يمنع من صلة القريب الفاسق، بل المشرك، كما بيناه في الفتوى رقم: 66144.

فالواجب عليك صلة هذه الأخت ونصحها وبيان خطر ما هي عليه، ويمكنك الاستعانة بإهدائها بعض الكتب أو الأشرطة المفيدة في هذا الشأن مع كثرة الدعاء لها بالهداية، فذلك من أعظم أنواع الصلة والإحسان إليها، فإذا لم تنتصح وكان في مقاطعتها زجر لها عما تقع فيه من المنكرات، فلا حرج عليك في مقاطعتها، بل يجب عليك هجرها إذا تعيّن ذلك طريقا لإصلاحها، وانظري الفتوى رقم: 14139.

وننبه إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة ورأفة للعصاة، ويرجو لهم الهداية والتوبة، ولا ينافي ذلك إنكاره للمنكر وبغضه للمعصية، فإنه لا يكره العاصي لذاته، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية، قال ابن القيم في مشاهد الناس في المعاصي: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم لا قسوة وفظاظة عليهم. اهـ

وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 125111.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني