الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يبقى للشيطان سلطان على من زنى وتاب

السؤال

ما حكم من فعل كبيرة الزنا ثم تاب توبة نصوحا، ثم عاد بعد سنة و فعلها مرة أخرى. فهل له توبة نصوح مرة ثانية و ثالثه يا ترى ؟؟؟؟
و ما سبب التفكير و الوسوسة المستمرة في الزنا هل يمكن كما سمعت أن من زنا قد يصيبه مس من الشيطان و كذلك من يفعل الكبائر يصيبه المس كما في الربا لقوله تعالى :الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
سورة البقرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى أنّ الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله، لكن مهما عظم الذنب فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه.

والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب، وانظر الفتوى رقم: 39210
فبادر بالتوبة إلى الله واحذر من تخذيل الشيطان وإيحائه لك باليأس والعجز عن التوبة، واعلم أن التوبة الصادقة إذا استوفت شروطها فهي مقبولة بإذن الله ولو تكرر الذنب، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ. {البقرة 222}.

قال ابن كثير: أي: من الذنب وإن تكرر غشْيانه. تفسير ابن كثير.
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبّهِ عَزّ وَجَلّ قَالَ: أَذْنَبَ عَبْدٌي ذَنْباً، فَقَالَ: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذَ بِالذّنْبِ، ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ، ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ. أي: ما دمت تتوب توبة نصوحاً، مستوفية الشروط، سالمة من موانع القبول.
ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية ويقطع الطرق الموصلة إليها ويحسم مادة الشر، فعليك أن تجتهد في سد أبواب الفتن وتحذر من استدراج الشيطان واتباع خطواته، وإذا لم تكن متزوجا فبادر بالزواج متى قدرت عليه، واشغل أوقاتك بما ينفعك في دينك ودنياك، واحرص على صحبة الصالحين، وسماع الدروس والمواعظ النافعة، مع كثرة الاستغفار والدعاء، فإن من أعظم الأسباب النافعة للتوفيق للتوبة الدعاء بصدق وإلحاح، واعلم أنك إن توكلت على الله فلا سلطان للشيطان عليك، قال تعالى : إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. {النحل: 99}.
قال ابن كثير : قَالَ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ أَنْ يُوقِعَهُمْ فِي ذَنْبٍ لَا يَتُوبُونَ مِنْهُ. تفسير ابن كثير .

ولمزيد من الفائدة يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالشبكة .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني