السؤال
أنا رب أسرة كبيرة، وليس لدينا مصدر رزق غير سيارة أجره (تاكسي). وقد انتهى ترخيص هذا التاكسي، ويجب علي دفع 10 آلاف دينار حتى يتجدد الترخيص، وأحضر تاكسي آخر غيره بعد انتهاء صلاحيته. وأنا لا أملك المال الكافي لهذا الشيء، ولذلك توجهت إلى بنك ربوي ليقرضني عشرة آلاف. فهل هذا من الأمور المباح التعامل بالربا فيها، علما بأنني محتاج جدا، وإلا فلا مصدر للرزق لدينا غير هذا التاكسي. وإذا كان هذا حراما فماذا علي أن أفعل بعد أن كتبت العقد، علما بأنه يصعب إلغاء العقد وقد أخسر مبالغ مالية. هل تصح توبتي لو كان ما فعلته حراما؟ وكيف التوبة؟ وهل أدفع للبنك الربوي أم ماذا علي أن أفعل علما بأنني قد تجاوزت السبعين من العمر وأنا في نهاية عمري؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالربا من أشد المحرمات إثما وأكبرها جرما، وهو من الموبقات، وآكله وموكله ملعونان على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء.
فلا يجوز الإقدام عليه إلا عند تحقق الضرورة المبيحة لارتكاب المحظور كما قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]. وحد الضرورة هو مايغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أوأن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة ـ في حال ثبوتها ـ تقدر بقدرها، وحيث زالت الضرورة فلا يجوز التعامل بالربا ويرجع الأمر إلى أصله وهو التحريم القاطع .
وبالتالي، فإن كنت مضطرا إلى الاستقراض بالربا، ولم تجد وسيلة للحصول على ذلك المال إلا بطرق أبواب البنوك الربوية، ولا تستطيع ترك السيارة دون ترخيص وإلا تضررت على النحو المذكور؛ فلا حرج عليك للعذر بما أنت فيه من حاجة. وإلا فقد أتيت حراما ويلزمك الكف عنه وعدم إتمام المعاملة إن استطعت، فإن لم تستطع إنهاء العقد إلا بتحمل تكلفة كبيرة فحسبك التوبة منه بالندم عليه وعدم الرجوع إليه، ولا يحرم عليك الانتفاع بالمال لأن الحرمة لا تتعلق بذاته وإنما تتعلق بذمتك. وهذا على فرض عدم الاضطرار، وأما على فرض تحقق الضرورة فلا حرج عليك في المعاملة.
والله أعلم.