السؤال
ظلمت من خالتي وكنت أحبها حبا كبيرا، لكنها خاضت في شرفي واستباحت عرضي كذبا بعد وفاة والدي مباشرة، وقامت بمشاكل عديدة مشابهة في نطاق العائلة، وسببت انهيار أسرة خالي وموت زوجته بسبب أكاذيب عن شرفها. طلبت هي الصلح كثيرا لكني أرفض منذ 9 سنوات وطلبت برد المظالم، وأن تقول الحقيقة بعد ما سببت قطيعة أهلنا لنا. الآن زوجها توفي وأمي لهذه الظروف واصلتها مرة أخرى. لكني والله لا أستطيع أن أسامحها من شدة ظلمها لي. هل أنا مخطئة في طلب رد المظالم؟ وما حكم قطعي لها مع العلم أنها غاية في السوء والتكبر وحب النفس والكذب الذي سببت به مشاكل عائلية كثيرة معي ومع غيري. مع العلم أنني واصلت رحمي مع أولادها وقدمت لهم واجب العزاء لكن هي لا أستطيع، ظلمتني في عز ضعفي بعد وفاة والدي مباشرة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت خالتك قد قذفتك بالباطل فهي ظالمة ومرتكبة كبيرة من أكبر الكبائر، والواجب عليها التوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، وعليها أن تكذب نفسها عند من سمعت القذف كما بيناه في الفتوى رقم : 111563
لكن ننصحك بالعفو عنها فإن العفو عن المسيء من أفضل الأعمال التي يحبها الله وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته كما أنه يزيد صاحبه عزا وكرامة، وقد حكى الله سبحانه عن نبيه يوسف عليه السلام وقد آذاه إخوته وظلموه، وعندما آل أمره إلى النصر والعزة والتمكين لم يقابل السيئة بمثلها وإنما عفا عنهم وكان منه ما حكاه القرآن الكريم عنه: قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. {يوسف:92}
كما ننبهك إلى أن الشرع قد جعل للخالة منزلة خاصة في البر والصلة، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.
ولمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ: هَلْ لَك مِنْ أُمٍّ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ : هَلْ لَك وَالِدَانِ ؟ قَالَ لا . قَالَ فَهَلْ لَك مِنْ خَالَةٍ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَبِرَّهَا.
فلا يجوز لك قطع خالتك إلا إذا تعينت المقاطعة طريقاً لاستصلاحها أو تلافي ضررها فتجوز حينئذ كما بيناه في الفتوى رقم: 132999
واعلمي أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.