السؤال
ما هي المواقف الفكرية بين ظاهر النص القرآني وباطنه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأهل السنة يعتقدون أن الأحكام الشرعية التي دلّ عليها القرآن الكريم منها ما هو ظاهر، بمعنى أنه لا يحتاج إلى نظر واستدلال، كبيان عدد المحرمات من النساء، واستحقاق المواريث، والحدود المترتبة على الجنايات، كالقتل والسرقة وغيرها.
ومنها ما هو خفي يحتاج في الوصول إليه إلى نظر واستدلال، وهذا النوع هو الذي وضع الأصوليون له مباحث دلالات الألفاظ، وهي عند الجمهور دلالة المنطوق ودلالة المفهوم، ودلالة المنطوق منها ما هو صريح، ومنها ما هو غير صريح، ودلالة المفهوم نوعان: مفهوم الموافقة، ومفهوم المخالفة، ولكل قسم من هذه الأقسام ما يقابله عند الأحناف مع اختلاف التسمية، وراجع في هذا شرح الكوكب المنير 473/3.
أما أهل البدع، فإنهم يجعلون للقرآن ظاهراً وباطناً، فالظاهر عندهم هو تفسير القرآن بالقواعد الشرعية واللغوية، وهو الذي يناسب عوام المسلمين في زعمهم، والباطن هو التفسير المجرد عن القواعد الشرعية واللغوية، وهو عبارة عن تأويلات باطنية ينتحلونها لآيات القرآن الكريم لا تتصل بمدلولات الألفاظ ولا بمفهومها ولا بالسياق القرآني، ويسندون ذلك إلى آل البيت، وإلى جعفر الصادق على وجه الخصوص، وأهل البيت من ذلك براء - رضي الله عنهم أجمعين - وأول من وضع هذا النوع من التفسير هو جابر الجعفي (ت سنة 128هـ) قال عنه ابن حجر في (تقريب التهذيب): جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي أبو عبد الله الكوفي ، ضعيف رافضي، من الخامسة... ا.هـ
فكان هذا التفسير بمثابة النواة التي ارتكز عليها أهل التفسير الباطني فيما بعد، ومن أهم هذه التفاسير: تفسير القمي، وتفسير العياشي، وتفسير البرهان، وتفسير الصافي، وإمام أهل هذا التفسير هو جابر الجعفي ، ولذلك فإننا نجد هذا النوع من التفسير يخدم مذهبهم، ويناصر معقتدهم في الأئمة والولاية، وغير ذلك من الاعتقادات الفاسدة، ومثال ذلك:
- ما ذكره جابر الجعفي في قوله تعالى: (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) [البقرة:41] قال: يعني علياً.
- وقال العياشي في قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة:238] . الصلوات: رسول الله، وأمير المؤمنين، والحسن والحسين. والصلاة الوسطى: أمير المؤمنين (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ): طائعين للأئمة. ا.هـ
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني