السؤال
والدي مريض بجلطة في المخ وعنده شلل نصفي في الجزء الشمالي ولا يستطيع أن يمسك نفسه عن البول وقد يتبول على نفسه كل 10 دقائق لأنه كبير في السن عنده 70 عاما.
إذا حججت متمعا ولم أستطع أن أدفع الهدي فعلي صوم ثلاثة أيام في الحج فمتى أصومهم؟ وهل قبل يوم عرفة أم بعده؟ مع العلم أنني سأكون متعجلا في الحج بعد رمي الجمرات، أجيبوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم ندر ماذا يتعلق به السؤال من ذكر حال أبيك ـ عافاه الله ـ فإن كان المقصود السؤال عن كيفية أدائه للصلاة فاعلم أن الواجب عليه أن يتحفظ بشد خرقة أو نحوها على الموضع إن لم يكن ذلك مضرا به ويتوضأ بعد دخول وقت الصلاة ويصلي بهذا الوضوء الفرض وما شاء من النوافل حتى يخرج ذلك الوقت، وعليه أن يأتي بما قدر عليه من شروط الصلاة وأركانها، وما عجز عنه فإنه يسقط عنه، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظر الفتويين رقم: 132697، ورقم: 158453.
وأما صيام الأيام الثلاثة في الحج فإنه يجوز ابتداء صومها بعد الإحرام بالعمرة، وقيل بعد التحلل منها، وقيل بعد الإحرام بالحج وهو الأحوط، ويستحب أن يكون آخرها يوم عرفة، وقيل بل يستحب أن يكون آخرها يوم التروية، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ مبينا وقت جواز صيام هذه الثلاثة ووقت استحبابه: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ وَقْتَانِ، وَقْتُ جَوَازٍ، وَوَقْتُ اسْتِحْبَابٍ فَأَمَّا وَقْتُ الثَّلَاثَةِ، فَوَقْتُ الِاخْتِيَارِ لَهَا أَنْ يَصُومَهَا مَا بَيْنَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَكُونُ آخِرُ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَالَ طَاوُسٌ: يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَلْقَمَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَرَوَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، أَنْ يَصُومهُنَّ مَا بَيْنَ إهْلَالِهِ بِالْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنْ يَجْعَلَ آخِرَهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي، فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ الَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ يَكُونُ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا أَحْبَبْنَا لَهُ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ هَاهُنَا، لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، لِيَصُومَهَا فِي الْحَجِّ، وَإِنْ صَامَ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا وَقْتُ جَوَازِ صَوْمِهَا فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إذَا حَلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ. انتهى.
وأما الصيام في أيام التشريق لمن لم يجد الهدي فمحل خلاف بين العلماء، والمروي عن عائشة وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ جوازه، والخروج من الخلاف أولى.
والله أعلم.