الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اليمين بالله على الطلاق المعلق

السؤال

عاجل: طلب فتوى: زوج وزوجة مضى على زواجهما زمن طويل ولديهم العديد من الأولاد، إلا أن الزوجة سليطة اللسان واليد وتتعدى على زوجها بشكل متكرر سواء بالشتم والقذف والإهانة أو حتى بالتعدي عليه جسدياً، هذا وبعد أن استنفد الزوج كل الوسائل لكبح جماح زوجته وعجز حتى أهلها عن تغيير سلوكها، وفي حالة من الغضب والانفعال وبهدف ردعها فقط أقسم الزوج بالله أمام زوجته إن هي مدت يدها عليه مرة أخرى بأنها طالق بالثلاث، لكنه فوجئ ببرود ردها وبعدم ارتداعها وتحدته قائلة بأنها ستفعل ذلك عمداً بهدف وقوع الطلاق، لذلك حين لاحظ الزوج عدم جدوى محاولة ردع هذه المرأة وأن الهدف المنشود ـ ردعها فقط وليس تطليقها ـ لن يتحقق ورحمة بها وبأبنائه اختلى بنفسه وناجى ربه مستغفراً وتائباً من إثم القسم والتهديد بالطلاق معلناً سحبه لكل كلامه وتهديده بالطلاق ومعاهداً ربه على التكفير عن قسمه إن وجبت عليه كفارة اليمين بعد استشارة أهل الذكر، هذا وبعد مضي فترة قصيرة نسبياً من الزمن على هذه التوبة الصريحة من قبل الزوج نفذت الزوجة تهديدها في حالة من الهيجان والغضب فاعتدت جسدياً على زوجها، وربما دون قصد أو نية مبيتة منها ولكن نتيجة انفعال واحتقان آني، يرجى التكرم بالإفتاء فيما إذا كان الطلاق قد وقع أم لا؟ وإن كان قد وقع فعلاً فهل هي طلقة واحدة أم ثلاث ؟ وما هو مصير الأولاد والزوجة في تلك الحال؟ يرجى التكرم قبل إصدار الفتوى مراعاة الحقائق التالية:
1ـ نية الزوج لم تكن مبيتة للطلاق، وإنما للردع فقط، بدليل أن الزوج صبر على أذى زوجته زمنا طويلا.
2ـ الزوج ناجى ربه وسحب كل كلامه واستغفر الله وتاب إليه توبة نصوحا، وعاهد الله على التكفير عن قسمه ـ إن وجبت عليه الكفارة ـ قبل وقوع الإعتداء عليه من قبل الزوجة لفترة من الزمن.
3ـ الدين الإسلامي الحنيف يحث المسلم على التراجع عن قوله وحتى قسمه إن كان فيه ضرر أو قطيعة رحم وكما تعلمون لا يوجد حلال أبغض عند الله مثل الطلاق، وكان الزوج يرجو الأجر من الله بتخليه عن تهديده بطلاق زوجته رحمة بها وبأولادها وشفقة عليهم من التشتت خاصة وأنهم في مراحل حساسة من الدراسة.
وجزاكم الله خيراً، يرجى التكرم بالرد عاجلاً على هذا الاستفتاء نظراً لحساسية الأمر ونتائجه الوخيمة على هذه الأسرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي ظهر لنا من الصيغة المذكورة في السؤال أن الذي صدر من الزوج هو تعليق للطلاق وليس حلفا بالله على أنه سيطلق إن حصل ما حصل، وبناء على ذلك فالجمهور على أنّ الطلاق المعلّق يقع إذا وقع ما علّق عليه سواء قصد الزوج الطلاق أو كان قصده التهديد ونحوه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً ـ وهو المفتى به عندنا ـ خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم وقوع الطلاق المعلق إذا قصد به التهديد أو المنع أو الحث، وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 19162.

والجمهور على أن الزوج لا يملك التراجع عن التعليق، كما بيناه في الفتوى رقم: 161221.

وعليه، فمادامت زوجتك قد فعلت ما علقت عليه طلاقها بالاعتداء عليك بالضرب وكانت في حالة وعي، فعلى المفتى به عندنا قد وقع عليها ثلاث تطليقات وبانت منك بينونة كبرى ولا سبيل لك إليها إلا إذا تزوجت زوجا غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم يطلقها الزوج الجديد بعد الدخول أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، وأما عن مصير الزوجة بعد الطلاق مدة العدة ففي وجوب نفقتها وسكناها خلاف بين أهل العلم والراجح عندنا ألا نفقة لها ولا سكنى، كما بيناه في الفتوى رقم: 36248.

وبخصوص حضانة الأولاد، فالأصل أن الصغار تكون حضانتهم لأمهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779.

وقد اختلف العلماء في السن الذي تنتهي عنده الحضانة، والمختار عندنا أن الغلام إذا بلغ سبع سنين يخير بين أبويه فيكون عند من يختار منهما، والفتاة بعد السابعة تكون عند أبيها، وراجع الفتويين رقم: 64894، ورقم: 6256.

وعند التنازع في مسائل الحضانة فالذي يفصل فيها هو القاضي الشرعي، والأولى بكل حال أن تعرض المسألة على أهل العلم مشافهة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني