السؤال
ما معنى اسم الله الجميل؟ وما هي آثار هذا الاسم في الكون وفي الإنسان وكيفية الاستدلال على هذا الاسم ؟ وما هي الآثار الإيمانية لهذا الاسم؟ وكيف أعيش معه ؟
ما معنى اسم الله الجميل؟ وما هي آثار هذا الاسم في الكون وفي الإنسان وكيفية الاستدلال على هذا الاسم ؟ وما هي الآثار الإيمانية لهذا الاسم؟ وكيف أعيش معه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى قولنا الله جميل أن كل أمره سبحانه حسن وجميل، فله الأسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال، ومن آثار جمال أفعاله في الكون والإنسان فقد خلق الإنسان في أحسن تقويم وصوره فأحسن صورته، ومن الآثار الإيمانية أن نؤمن بهذه الصفة، وأن نعمل بما يحب الله تعالى من التجمل المشروع. فقد روى مسلم فى صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر " فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال " إن اللّه جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس.
وقد قال ابن القيم في نونيته :
وهو الجميل على الحقيقة كيف لا * وجمال سائر هذه الأكوان
مـن بـعض آثار الجميـل فربـهـا * أولى وأجدر عند ذي العرفان
فـجـمـالـه بالـذات والأوصـاف * والأفعال والأسماء بالبرهـان
قال الهراس في شرح نونية ابن القيم : وأما الجميل ؛ فهو اسم له سبحانه من الجمال ، وهو الحسن الكثير ، والثابت له سبحانه من هذا الوصف هو الجمال المطلق، الذي هو الجمال على الحقيقة؛ فإن جمال هذه الموجودات على كثرة ألوانه وتعدد فنونه هو من بعض آثار جماله ، فيكون هو سبحانه أولى بذلك الوصف من كل جميل ؛ فإن واهب الجمال للموجودات لا بد أن يكون بالغا من هذا الوصف أعلى الغايات ، وهو سبحانه الجميل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. أما جمال الذات ؛ فهو ما لا يمكن لمخلوق أن يعبر عن شيء منه أو يبلغ بعض كنهه ، وحسبك أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم وأفانين اللذات والسرور التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم ، وتمتعوا بجماله ؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم ، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالا إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم المزيد فرحا تكاد تطير له القلوب. وأما جمال الأسماء ؛ فإنها كلها حسنى ، بل هي أحسن الأسماء وأجملها على الإطلاق ؛ فكلها دالة على كمال الحمد والمجد والجمال والجلال ، ليس فيها أبدا ما ليس بحسن ولا جميل. وأما جمال الصفات ؛ فإن صفاته كلها صفات كمال ومجد ، ونعوت ثناء وحمد ، بل هي أوسع الصفات وأعمها ، وأكملها آثارا وتعلقات ، لا سيما صفات الرحمة والبر والكرم والجود والإحسان والإنعام. وأما جمال الأفعال ؛ فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويشكر ، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد ؛ فليس في أفعاله عبث ولا سفه ولا جور ولا ظلم ، بل كلها خير ورحمة ورشد وهدى وعدل وحكمة ، قال تعالى : { إن ربي على صراط مستقيم } ، ولأن كمال الأفعال تابع لكمال الذات والصفات ؛ فإن الأفعال أثر الصفات، وصفاته كما قلنا أكمل الصفات ؛ فلا غرو أن تكون أفعاله أكمل الأفعال)).
وقال ابن القيم في الوابل الصيب: والجود من صفات الرب جل جلاله، فإنه يعطي ولا يأخذ، ويطعم ولا يطعم، وهو أجود الأجودين ، وأكرم الأكرمين، وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات صفاته، فإنه كريم يحب الكرماء من عباده، وعالم يحب العلماء، وقادر يحب الشجعان ، وجميل يحب الجمال. انتهى .
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني