السؤال
أنا متزوجة وعندي ثلاثة أطفال، وزوجي كثير الحلف بالطلاق، فقبل أن يدخل علي قال لي إن لم تذهبي إلى والدتي وتقبلي رأسها تكوني طالقا، فلم أذهب إلا في اليوم الثاني، وبعد الدخول عليه قال لي إن ذهبت لزواج أختك تكونين طالقا، فذهبت إلى الزواج، وبعدها ببضع سنين كانت بيننا مشادة وطلبت منه الطلاق، فقال أنت طالق، وبعده طلب مني أن أعطيه نقودا قلت له طلقني فقال لي علي الطلاق بعد يومين سأرسل لك ورقتك الوسخة، وبعد ذلك كان يجلس مع صديق له فسأله صديقه عن شيء ما وزوجي يعرف أن ذلك الشيء حدث. فقال له علي الطلاق بالثلاثة لم يحدث وهو على علم تام بحدوثه، وعندما واجهته قال لي إنه سأل وأنه علم أن الطلاق بالنية، وهو نيته الحلف فقط وليس الطلاق. أفيدوني بالله عليكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكثرة الحلف مذموم بصفة عامة. قال الله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224]، وقال تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ [القلم:10]. ويتأكد النهي إذا كان الحلف بالطلاق. وأما ما ذكرت من المسائل فبعضها وقع فيه الطلاق صريحا، وبعضها وقع فيه معلقا على فعل، وبعضها ذكر فيه الطلاق بصيغة اليمين وبيان ذلك :
1- قوله إن لم تذهبي إلى والدتي وتقبلي رأسها تكونين طالقا، وقد ذهبت في اليوم الثاني، وهذا يقتضي تعليق الطلاق على عدم ذلك الفعل وقد وقع الفعل، لكنه وقع متأخرا، فإن كان الزوج قصد وقوعه مطلقا فلا يقع الطلاق لعدم وقوع ما علق عليه، وأما لو كان قصده أن تذهبي في نفس اللحظة أو نفس اليوم ولم تفعلي فيقع الطلاق، وفصل بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فقالا: إن نوى الطلاق فهو طلاق معلق يقع بوقوع المعلق عليه، وإن نوى المنع والتهديد فهو يمين معلقة، يكفر بوقوع المعلق عليه كفارة يمين.
ومثل ذلك قوله :إن ذهبت إلى زواج أختك تكونين طالقا، وقد عصيت أمره وذهبت فيقع الطلاق كما علقه بناء على قول الجمهور، ويكون بحسب نيته على قول شيخ الإسلام وتلميذه.
2-قوله أنت طالق يعتبر طلاقا صريحا واقعا.
3-قوله علي الطلاق سأرسل لك الورقة بعد يومين، فإن كان لم يرسلها فقد حنث ووقع عليه الطلاق في قول الجمهور خلافا لشيخ الإسلام وتلميذه كما سبق.
4- قوله علي الطلاق لم يكن كذا وهو يعلم كذبه يسمى يمين الطلاق الغموس، وقد بينا القول فيه في الفتوى رقم: 71165 وذكرنا فيها أنه يجري فيه الخلاف السابق حول ما يترتب على يمين الطلاق .
وخلاصة القول أن ما نراه فيما ذكرت هو أنه لايجوز لك تمكينه من نفسك قبل أن ترفعي الأمر إلى القضاء؛ لأن حكم القاضي يرفع الخلاف .
والله أعلم.