الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحج أو بناء بيت والزواج

السؤال

أنا موظف حكومي، راتبي مع البدلات يساوي 12500 ريال قطري، وعليَّ قسط شهري لفائدة بنك إسلامي بقيمة 4884 ريالاً قطريًا، كما أنني بصدد بناء بيت وغير متزوج، وأريد أداء مناسك الحج. مع العلم أنني مقيم بدولة قطر، فهل تتوفر فيَّ شروط الاستطاعة لأداء المناسك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يمكننا الحكم بمجرد ما ذكرت على ما إذا كان الحج يجب عليك أم لا، والمراد من الاستطاعة المالية للحج أن يفضل عند الشخص ما يكفيه للحج بعد قضاء الديون والنفقات الشرعية، والحوائج الأصلية، ومن الحوائج الأصلية السكن، ولا يشترط أن يكون ملكًا، بل من قدر على الاستئجار، وفضل عنده ما يحج به، وجب عليه الحج في المفتى به عندنا، كما في الفتوى: 109570.

جاء في الموسوعة الفقهية: إذا ملك نقودا لشراء دار يحتاج إليها؛ وجب عليه الحج إن حصلت له النقود وقت خروج الناس للحج، وإن جعلها في غيره أثم، أما قبل خروج الناس للحج، فيشتري بالمال ما شاء، لأنه ملكه قبل الوجوب على ما اختاره ابن عابدين. اهـ.

والزواج مقدم على الحج لمن يخاف المشقة في عدم النكاح، أو يخاف الزنا إن لم يتزوج، وعلى هذا فإذا جاء وقت ذهاب الناس للحج، وكانت إمكانياتك المالية لا تكفي للجمع بين قضاء الدين الحال والمؤجل، وبين أداء الحج؛ فلا يجب عليك الحج، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: وإذا كان على الإنسان دين فلا حج عليه سواء كان حالاً أو مؤجلاً، إلا أنه إذا كان مؤجلاً وهو يغلب على ظنه أنه يوفيه إذا حل الأجل وعنده الآن ما يحج به فحينئذٍ نقول: يجب عليه الحج.... اهـ.

وكذا إذا جاء وقت الذهاب للحج، وكنت محتاجًا للزواج، ولم يكن المال الذي عندك يكفي للزواج والحج؛ فإنه لا يجب عليك الحج.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: إذا كان عند الإنسان مال، وكان في حاجة إلى النكاح، ويخاف المشقة في عدم النكاح أو يخاف الزنا على نفسه إن لم يتزوج، فهنا يقدم النكاح على الحج، لأن حاجة الإنسان إلى النكاح كحاجته إلى الأكل والشرب وفي بعض الأحيان يكون أشد، لذلك قال العلماء: إنه يقدم النكاح على الحج إذا خاف المشقة بتركه. اهـ.

وأما المسكن: فإن نية إنفاق المال في البناء ليست عذرًا في إسقاط الحج إذا كنت قادرًا على الاستئجار، فإذا كان ما عندك من المال ما يكفي للاستئجار والحج، فإنه يجب عليك الحج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني