الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول الزوج علي الطلاق إن فعلت كذا تكوني طالقا وتحرمي علي على جميع المذاهب

السؤال

قال لزوجته: علي الطلاق إن فعلت كذا تكوني طالقا وتحرمي علي على جميع المذاهب، وفعلت الشيء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق المعلّق يقع عند الجمهور إذا وقع ما علّق عليه -وهو المفتى به عندنا- خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم وقوعه إذا لم يقصد به الطلاق وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، وانظر الفتوى رقم : 19162.

وبناء على ذلك فقول الزوج مخاطبا زوجته تكونين طالقا إن فعلت كذا، وفعلت المحلوف عليه يترتب عليه وقوع الطلاق، وله مراجعتها قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.

وبخصوص قوله : [ وتحرمي عليًّ إلى آخره ] فالراجح من كلام أهل العلم أنه يرجع في هذا التحريم لنية الزوج وتفصيل ذلك كما يلي:

1ـ إن قصد الظهار صار ظهارا وعليه إخراج كفارة الظهار وقد سبق بيانها في الفتوى رقم : 192.

2ـ إن قصد الطلاق ونوي أنه تأكيد للطلاق الأول فلا تقع إلا الطلقة الأولى وإن نوى إنشاء طلاق آخر لزمته طلقتان.

3ـ إن قصد اليمين بالله تعالى أو لم يقصد شيئا لزمته كفارة يمين وسبق تفصيلها في الفتوى رقم : 107238.

وراجع المزيد في الفتوى رقم : 14259.

وأما قوله: [على جميع المذاهب] فهو تغليظ للحلف، والظاهر أنه هنا لا ينبني عليه شيء زائد.

جاء في كشاف القناع وهو من كتب الحنابلة:وَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ يَقَعُ وَاحِدَةً إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ .

ويجدر التنبيه إلى أن الطلاق المحلوف به لا يتأتى فيه الحنث لأن الزوجة إما أن لا تفعل المحلوف عليه فلا حنث، وإما أن تفعله فهي طالق، وبالتالي لم يوجد موجب للحنث في الطلاق المحلوف به.

فقد سئل الشيخ عليش عَمَّنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا تَكُونِي طَالِقًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ إنْ كَلَّمَتْ زَيْدًا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَمْ لَا ، فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ، يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ; لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ تَكُونِي طَالِقًا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , وَتَقَدَّمَ لَنَا أَنَّ هَذَا مِنْ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ يَتَوَقَّفُ لُزُومُ الثَّلَاثِ فِيهِ عَلَى مَجْمُوعِ شَيْئَيْنِ : كَلَامُهَا زَيْدًا , وَعَدَمُ طَلَاقِهَا , وَهِيَ تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ فَلَمْ يُوجَدْ مَجْمُوعُ الشَّيْئَيْنِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ. فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني