الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزوج إن قال لزوجته طلاق لا تفعلي كذا فما يلزمه إن فعلته

السؤال

سمحت لزوجتي بالذهاب إلى بيت أهلها لحضور زواج أخيها وأنا في سفر ولما رجعت إلى بيتي لاحظت تغيرا كبيرا وكبيرا حيث صارت تتكبر على أهلي وخاصة والدتي وكانت تتكلم معي بنبرة غريبة، صبرت عليها حوالي أسبوع من أجل أن ترجع إلى طبيعتها الأولى ولكن لا فائدة، طلبت من والدتي أن تعطيها الجوال لتكلمني أثناء سفري فرفضت أن ترد على مكالمتي، فغضبت غضبا شديدا وقلت لوالدتي هذه العبارة بالضبط: طلاق ما تروح بيت أهلها إلا عندما أكون معها ـ ولما قلت العبارة كنت مريضا ودام مرضي مدة أسبوع وفي نفس الوقت كنت غاضبا غضبا شديدا والوقت الذي قلت فيه عبارة: طلاق ما تروح إلا معي مرة أخرى ـ لم أكن أقصد به الطلاق أو بالأصح لم أكن أدرك ما خرج من لساني من شدة مرضي وغضبي، والآن لا أعرف هل طلقت أم لا؟ علما أنها لم تذهب بعد هذه العبارة إلى بيت أهلها والذي أريده هو أن تذهب وتزورهم لشعوري بالذنب تجاهها، لأن والديها في سن متقدم وخوفي من الذهاب إلي بيت أهلها هو من زوجات إخوتها وخالتها الذين لا يحبون لنا الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق ما دام صاحبه قد تلفظ به مدركا لما يقول غير مغلوب على عقله، وراجع الفتوى رقم: 98385.

والظاهر أن هذه الصيغة صيغة يمين بالطلاق يترتب عليها ما يترتب على الحلف بالطلاق، جاء في مجموع فتاوى ابن باز ـ رحمه الله ـ في واقعة قال فيها الزوج لزوجته: طلاق ما تدخلين أبها، طلاق ما تدخلين أبها، مرتين متتاليتين، قال الشيخ رحمه الله: وبناء على ذلك أفتيت الزوج المذكور بأن طلاقه هذا في حكم اليمين، وعليه كفارتها متى دخلت زوجته المذكورة أبها.

وقد ورد سؤال بنفس الصيغة على الشيخ/ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فأجاب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أولاً: أنت أخطأت عندما قلت: طلاق عليك ألا تذهبي إلى أختك حتى تزورك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ـ وكونك تحلف بالطلاق هذا خطأ، ولا ينبغي لك ذلك، بل الذي ينبغي لك أن تتجنب ذلك وأن تحفظ لسانك، لأن الحلف بالطلاق ليس بالأمر الهين، وكونك أذنت لزوجتك بالزيارة، فالإذن هنا لا يخلو من أمرين: إن كنت أذنت لزوجتك أن تزور العمة ولم تزر إلا العمة في بيت العمة، فإنه لا شيء عليك، وأما الأمر الآخر: إن كنت أذنت لها أن تزور وقامت بزيارة أختها في بيتها فيظهر لي أن لا تخلو، إما أن تكون نويت المنع فيكون عليك كفارة يمين، وإما أن تكون لم تنو المنع وإنما نويت أنها تطلق عليك، فإذا فعلت ذلك فعليك طلقة. والله أعلم.

فالمقصود من نقل هاتين الفتويين الاستئناس بهما والاستشهاد على أن هذه الصيغة صيغة حلف بالطلاق وإذا تقرر ذلك فإن الحلف بالطلاق يقع به الطلاق عند وقوع المحلوف عليه عند الجمهور ـ وهو المفتى به عندنا ـ خلافا لمن يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع المحلوف عليه لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وهذا هو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وعليه، فالمفتى به عندنا أنك لا تملك التراجع عن هذا اليمين وإذا ذهبت زوجتك إلى أهلها من غير أن تكون في صحبتك وقعت عليها طلقة، وأما على قول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فإن زوجتك إذا ذهبت إلى بيت أهلها لزمتك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد ذلك فصيام ثلاثة أيام، وراجع الفتوى رقم: 2022.

وما دامت المسألة محل خلاف بين الفقهاء فالأولى أن تعرض مسألتك على المحكمة الشرعية أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم في بلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني