السؤال
ما هو قصد بعض الناس بأن يوصي بأن فلانا الورع أو الفقيه العالم يصلي على جنازته إذا وافاه الأجل، هل يدخل هذا في التبرك أم أنه استئناس بشخص تقي يرجى حصول فائدة بصلاته عليه؟
ما هو قصد بعض الناس بأن يوصي بأن فلانا الورع أو الفقيه العالم يصلي على جنازته إذا وافاه الأجل، هل يدخل هذا في التبرك أم أنه استئناس بشخص تقي يرجى حصول فائدة بصلاته عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلماء مختلفون في من هو أولى بالصلاة على الميت، ولعل الراجح إن شاء الله أن وصي الميت أولى بالصلاة عليه، وإيصاء بعض الناس بأن يصلي عليه فلان له فيه غرض صحيح، فإن الصلاة على الميت دعاء له وشفاعة فيه، فالميت يختار لذلك من كان أرجى عنده أن يستجاب دعاؤه وتقبل شفاعته، فإن الصلاح والتقوى والورع مظنة إجابة الدعاء.
قال ابن قدامة مبينا الخلاف في المسألة ووجه كون الوصي أحق، وهو ما يستفاد منه مشروعية وصية الميت بأن يصلي عليه فلان والحكمة من ذلك ما مختصره: وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَنْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ) هَذَا مَذْهَبُ أَنَسٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبِي بَرْزَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: الْوَلِيُّ أَحَقُّ، ولنا إجماع الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ قَالَهُ أَحْمَدُ قَالَ: وَعُمَرُ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، وَأُمُّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو بَكْرَةَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: عَائِشَةُ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو سَرِيحَةَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةَ لِيَتَقَدَّمَ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُهُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ إنَّ أَبِي أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَقَدَّمَ زَيْدًا. وَهَذِهِ قَضَايَا انْتَشَرَتْ، فَلَمْ يَظْهَرْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ، فإنها شفاعة له فتقدم وصيته فيها، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ فِي الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ، وَالشَّفَاعَةُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَالْمَيِّتُ يَخْتَارُ لِذَلِكَ مَنْ هُوَ أَظْهَرُ صَلَاحًا، وَأَقْرَبُ إجَابَةً فِي الظَّاهِرِ. انتهى.
ولعله اتضح لك بهذا وجه إيصاء بعض الناس بأن يصلي عليه فلان من الصالحين أو العلماء ونحو ذلك.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني