السؤال
قصتي ياشيخ أنني تزوجت من شخص كنت على علاقة مسبقة معه دون عقد زواج أو شهود أو إعلان، وقد مضى على زواجنا هذا سنة ونصف، وقبل هذا الزواج اشترطت عليه أن يكون زواجنا موثقا من المحكمة ـ عقد رسمي ـ وقد وعدني أن يوجد شيخا ليحرر لنا عقد الزواج ولكنه لم يفعل حتى بعد أن مضت هذه المدة ـ سنة ونصف ـ وهو يعتبر هذا زواجاً حلالا، ولكنني غير مقتنعة به مما جعلني في شجار دائم، والآن قطعت صلتي به وقد طلبت منه وبشدة أن يعلن هذا الزواج ويتزوجني على سنة الله ورسوله، ولكنه يرفض وبشدة بحجة أنه لا يريد أن تكون زوجته وأولاده على علم، وقد طلب مني أن أجري عملية ترقيع البكارة لإخفاء جريمتنا، ولكني رفضت بشدة حيث لا أستطيع أن أغش أو أخدع إنسانا كما غشني هذا الرجل وخدعني، شعرت بظلم كبير يقع علي حيث إنني الآن لا أستطيع الزواج من أي رجل لكون أهلي يعتبرونني مازلت بكرا وليست لدي الجرأة أن أخبرهم بالذي جرى معي؟ أرشدني بالله عليك ماذا أفعل؟ لقد فكرت أن أقاضي هذا الرجل ولكنه أخبرني أنه سينكر كل ما كان بيننا ولن يعترف بي، فهل لي أن أتزوج على أنني بكر ثم أصارح زوجي بما حدث معي أو أعيش طوال عمري دون زواج؟ أنا في حالة لا يعلم بها إلى الله، فهل سيقبل الله مني توبتي ويغفر لي؟ وجزاك الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النكاح شعيرة من شعائر الإسلام، يترتب عليه استحلال بضع المرأة، فلم يتركه الشرع عرضة لتلاعب الرجال فجعل للنكاح شروطا لا يصح إلا بتحققها، وقد سبق بيان هذه الشروط بالفتوى رقم: 1766.
وقد صرحت في سؤال لك سابق أن هذا النكاح نكاح متعة وبينا لك بطلانه، فمفارقتك هذا الرجل واجبة، وقد اختلف الفقهاء في حاجة مثل هذه الأنكحة المختلف فيها إلى فسخ أو طلاق، قال ابن قدامة الحنبلي: وإذا تزوجت المرأة تزويجاً فاسداً لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه، نص عليه أحمد، وقال الشافعي: لا حاجة إلى فسخ ولا طلاق، لأنه نكاح غير منعقد أشبه النكاح في العدة، ولنا أنه نكاح يسوغ فيه الاجتهاد فاحتيج في التفريق إلى إيقاع فرقة كالصحيح المختلف فيه، ولأن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه الصحيح ونكاح الآخر الفاسد، ويفارق النكاح الباطل من هذين الوجهين، وإذا زوجت بآخر قبل التفريق لم يصح الثاني أيضاً.اهـ.
وقال الرحيباني: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي عَقْدِ الْمُتْعَةِ وَفِيمَا حَكَمْنَا بِهِ أَنَّهُ كَمُتْعَةٍ كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. اهـ.
وعليه، فإن أمكنك رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليفسخ هذا النكاح فبها، وإلا فيسعك العمل بقول من ذهب إلى أن مثل هذا لا يحتاج إلى فسخ أو طلاق، ولا حرج عليك في نكاح غيره بعد انقضاء عدتك منه، وأما إجراء عملية ترقيع غشاء البكارة فلا يجوز إلا إذا خشيت ضررا على نفسك، ولا يلزمك إخبار من يريد نكاحك بزوال بكارتك، وإن اطلع على ذلك بعد تمام النكاح فيمكنك استخدام التورية كما نبهنا على ذلك بالفتوى رقم: 20941.
وأما هذا الرجل فلا ترجعي إليه، بل إن كانت بدعته مكفرة فلا يجوز له نكاحك، كما بينا لك في فتوى سؤالك السابق.
الله أعلم.