الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا..)

السؤال

ما هو تفسير الآية رقم: 227 من سورة الشعراء؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ {الشعراء:227}.

ذكر المفسرون فيها أن الله استثنى في هذه الآية من الشعراء الشعراء الذين اهتدوا بالإيمان وعملوا الصالحات وأكثروا من ذكر الله فقالوا الشعر في توحيد الله ـ سبحانه ـ والثناء عليه جل ذكره، والدفاع عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وتكلموا بالحكمة والموعظة والآداب الحسنة، وانتصروا للإسلام، يهجون من يهجوه أو يهجو رسوله، ردا على الشعراء الكافرين، وسيعلم الذين ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي، وظلموا غيرهم بغمط حقوقهم، أو الاعتداء عليهم، أو بالتهم الباطلة، أي مرجع من مراجع الشر والهلاك يرجعون إليه؟ إنه منقلب سوء، نسأل الله السلامة والعافية، قال ابن جزي: إلا الذين آمنوا ـ الآية: استثناء من الشعراء يعني بهم شعراء المسلمين كحسان بن ثابت وغيره ممن اتصف بهذه الأوصاف، وقيل: إن هذه الآية مدنية: وذكروا الله ـ قيل: معناه ذكروا الله في أشعارهم، وقيل: يعني الذكر على الإطلاق: وانتصروا من بعد ما ظلموا ـ إشارة إلى ما قاله حسان بن ثابت وغيره من الشعراء في هجو الكفار بعد أن هجا الكفار النبي صلى الله عليه وسلم: وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ـ وعيد للذين ظلموا، والظلم هنا بمعنى الاعتداء على الناس لقوله: من بعد ما ظلموا ـ وعمل ينقلبون في أي لتأخره، وقيل: إن العامل في أي سيعلم. اهـ.

وقال البغوي: ثم استثنى شعراء المسلمين الذين كانوا يجيبون شعراء الجاهلية، ويهجون الكفار، وينافحون عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه، منهم حسان بن ثابت وعبد اللّه بن رواحة وكعب بن مالك، فقال: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ـ وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم: إن اللّه قد أنزل في الشعر ما أنزل فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأنّما ترمونهم به نضح النّبل.... وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً، أي لم يشغلهم الشعر عن ذكر اللّه، وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا، قال مقاتل: انتصروا من المشركين، لأنهم بدأوا بالهجاء، ثم أوعد شعراء المشركين فقال: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا، أشركوا، وهجوا رسول اللّه أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، أي مرجع يرجعون بعد الموت، قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: إلى جهنم والسعير. واللّه أعلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني