السؤال
نعلم أن النور اسم من أسماء الله وصفة من صفاته العلا صفة ذاتية، يعني: النور بذاته، والسؤال: هل ذاته كل من نور؟ أم النور صفة ذاتية كسمعه وبصره ويده وقدمه سبحانه وتعالي؟ أفتونا أثابكم الله، وجزاكم أحسن الجزاء.
نعلم أن النور اسم من أسماء الله وصفة من صفاته العلا صفة ذاتية، يعني: النور بذاته، والسؤال: هل ذاته كل من نور؟ أم النور صفة ذاتية كسمعه وبصره ويده وقدمه سبحانه وتعالي؟ أفتونا أثابكم الله، وجزاكم أحسن الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النور صفة ذاتية للرب تعالى قائمة به على الوجه الذي يليق به سبحانه، ولا يعلم كيفية اتصافه بهذه الصفة إلا هو سبحانه كما هو الشأن في جميع صفاته العلا، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: ليس عند ربكم ليل ولا نهار، نور السماوات والأرض من نور وجهه.
قال ابن القيم رحمه الله: وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم: وأعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ـ فَأَضَافَ النُّورَ إِلَى الْوَجْهِ وَالْوَجْهَ إِلَى الذَّاتِ وَاسْتَعَاذَ بِنُورِ الْوَجْهِ الْكَرِيمِ، فَعُلِمَ أَنَّ نُورَهُ صِفَةٌ لَهُ كَمَا أَنَّ الْوَجْهَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ {النور: 35} فَلَا تُشْغَلْ بِأَقْوَالِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ غَشَتْ بَصَائِرُهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، فَخُذِ الْعِلْمَ عَنْ أَهْلِهِ، فَهَذَا تَفْسِيرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. انتهى.
وقال ابن القيم أيضا: فَالنُّورُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَوْصَافِهِ، قَائِمٌ بِهِ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ لَهُ اسْمُ النُّور الَّذِي هو أحد الأسماء الحسنى، وَالنُّورُ يُضَافُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِضَافَة صِفَةٍ إِلَى مَوْصُوفِهَا، وَإِضَافَة مَفْعُولٍ إِلَى فَاعِلِهِ، فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا {الزمر: 69} الْآيَةَ، فَهَذَا إِشْرَاقُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِنُورِهِ تَعَالَى إِذَا جَاءَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ الْمَشْهُورِ: أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُضِلَّنِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ـ وَفِي الْأَثَرِ الْآخَرِ: أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ ـ فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الظُّلُمَاتِ أَشْرَقَتْ لِنُورِ وَجْهِهِ، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى: أَنَّ الْأَرْضَ تُشْرِقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِنُورِهِ، وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ وَالسُّنَّةِ لَهُ، وَكِتَابِ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ، وَغَيْرِهَا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَيْسَ عِنْدَ رَبِّكُمْ لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ، نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ. انتهى.
وبه يتبين لك وجه اتصاف الرب تعالى بصفة النور وأنها صفة قائمة به سبحانه ولا يعلم كيفية اتصافه بها إلا هو سبحانه فإنه سبحانه ليس كمثله شيء والعباد لا يحيطون به علما.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني