السؤال
هل يجوز أن أحج بعباءة الكتف؟ وما الفرق بينها وبين عباءة الرأس؟ أنا أرى أن كل العباءتين تستر.
هل يجوز أن أحج بعباءة الكتف؟ وما الفرق بينها وبين عباءة الرأس؟ أنا أرى أن كل العباءتين تستر.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فالقول بجواز لبس عباءة الكتفين في الحج أو عدم جواز لبسها ينبني على حكم لبس العباءة عموما, ولا شك أن هناك فرقا بين عباءة الرأس وعباءة الكتف وأن عباءة الرأس أبلغ في الستر, والفرق بينهما أن لبس العباءة على الكتف ربما جسَّم الكتفين ولبسها على الرأس لا يُجَسِّم الكتفين، وكذلك إذا لبستها المرأة على الكتفين، فإن الخمار المشدود على الرأس قد يظهر حجمه، بينما عباءة الرأس لا تظهر حجم الرأس، ثم إن رفع العباءة فوق الرأس أقرب لامتثال ما أمر الله به في قوله تعالى: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ {الأحزاب:59}. وإدناء الجلباب يعني: أن تلبس من الأعلى إلى الأسفل, فهذه بعض الفروق بينهما.
ولذا ذهب جمع من أهل العلم المعاصرين إلى عدم جواز لبس عباءة الكتف منهم الشيخ ابن باز وابن عثيمين وبكر أبو زيد ـ رحمة الله عليهم جميعا ـ وكذا فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد وغيره وعللوا ذلك بأنها تجسم الكتفين ويظهر بها حجم الرأس والرقبة وطولها، وأن في لبسها تشبها بالرجل حيث إنها تشبه قميصه وعباءته وأن القول بجواز لبسها قد يفتح بابا للفتنة وتتوسع النساء فيه.
قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ كما في مجموع فتاواه: لا يجوز للمرأة وضع العباءة على الكتفين، لما في ذلك من التشبه بالرجال، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: وأما لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق وبين الناس فلا، لأن لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق يؤدي إلى بيان حجم كتفيها ورقبتها، وهل هي طويلة أو قصيرة ـ أعني الرقبة ـ فيكون في ذلك فتنة، ثم من الذي يأمن إذا رخص للنساء في لبس العباءة على الكتف أن تتطور المسألة ثم تبدأ النساء تخرج إلى الأسواق بالمقطاب ـ أي: بالقميص بدون عباءة ـ لأن النساء في الغالب إذا فتح لهن الباب الصغير صار باباً كبيراً، وربما قلعن الباب كله ودخلن من غير أبواب، لذلك نقول: وضع العباءة على الكتفين في الصلاة لا بأس به ولا يبطل الصلاة، وأما المشي به في الأسواق فلا لأنه يجر إلى فتنة، وهو ذريعة إلى توسع النساء في اللباس.. اهـ.
وسئل رحمه الله تعالى: عن حكم لبس العباءة المطرزة أو الطرحة المطرزة وطريقته بأن تضع المرأة العباءة على الكتف ثم تلف الطرحة على رأسها ثم تغطي وجهها، مع العلم أن هذه الطرحة ظاهرة للعيان ولم تخف تحت العباءة؟ فأجاب بقوله: لا شك أن اللباس المذكور من التبرج بالزينة، وقد قال الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ـ 1ـ وقال عز وجل: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ـ2ـ فإذا كان الله عز وجل نهى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، ونهى نساء المؤمنين أن يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن دل ذلك على أن كل ما يكون من الزينة فإنه لا يجوز إظهاره ولا إبداؤه، لأنه من التبرج بالزينة، وليعلم أنه كلما كان لباس المرأة أبعد عن الفتنة فإنه أفضل وأطيب للمرأة وأدعى إلى خشيتها لله سبحانه وتعالى والتعلق به. اهـ.
وقال العلامة بكر أبو زيد ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه حراسة الفضيلة: لبسها على الكتفين يخالف مُسَمَّى الجلباب الذي افترضه الله على نساء المؤمنين، ولما فيه من بيان تفاصيل بعض البدن، ولما فيه من التشبه بلبسة الرجال، واشتمالهم بأرديتهم وعباءاتهم. اهـ. وقال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: الشيء الذي على الكتفين فيه تشبه بالرجال، فلا تلبس المرأة اللبس على الكتفين، وإنما يكون لبسها للعباءة على رأسها وليس على كتفيها... اهـ.
وختاما نقول ومع ذلك إذا حصل الستر المطلوب شرعا بعباءة الكتف كأن يُلبس معها فوق الرأس طرحة أو خمار فضفاض ليس مشدوداً على الرأس شداً فلا حرج على المرأة في لبسها عند خروجها للحج وغيره، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 9859.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني