السؤال
ما حكم الأقوال التالية: (يسعد ربك) (يسلم لي ربك), وعند التعجب (يا محمد), وعند مخاطبة شخص لآخر: ( يا الله ماذا تفعل!)كأنه يخاطب الشخص بلفظ الجلالة حيث إن هذه الأقوال وغيرها منتشرة عند كثير من السوريين, وإذا قلت لمن يقول ذلك انتهِ عن هذا يرجع لذلك؛ حيث إن هذه الأقوال درجت على الألسن فما العمل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الشخص لصاحبه بالسعادة والسلامة لا حرج فيه؛ لأن طلب حصول السعادة والسلامة مشروع, كما يدل له حديث الترمذي وابن خزيمة: "اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء ونزل الشهداء وعيش السعداء".
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (غفار غفر الله لها، وأسلم سلمها الله).
وأما اللفظ المذكور فظاهره الدعاء لله بالسلامة والسعادة, وهذا غلط لأن الله لا يدعى له بذلك, ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وفي روية: لا تقولوا هكذا، فإن الله عز وجل هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله. رواه النسائي وصححه الألباني.
قال الحافظ في الفتح نقلا عن البيضاوي ما حاصله: أنكر عليهم صلى الله عليه وسلم التسليم على الله تعالى، وبين أن ذلك عكس ما يجب أن يقال، فإن كل سلام ورحمة له ومنه وهو مالكها ومعطيها، وأمرهم أن يصرفوا ذلك إلى الخلق لحاجتهم إلى السلامة وغناه سبحانه وتعالى عنها. اهـ
وقد ذكر شيخ الإسلام في علة المنع أن السلام إنما يطلب لمن يحتاج إليه والله هو السلام، فالسلام يطلب منه لا يطلب له، بل يثنى عليه فيقال: التحيات لله والصلوات والطيبات، فالحق سبحانه يُثنى عليه ويطلب منه، وأما المخلوق فيطلب له فيقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. اهـ
وفي الموسوعة الفقهية في الكلام على حكم الذكر: وقد يكون الذكر حرامًا وذلك كأن يتضمن شركًا كتلبية أهل الجاهلية، أو يتضمن نقصًا مثل ما كانوا يقولون في أول الإسلام: السلام على الله من عباده. اهـ
وأما كلمة " يا محمد " عند التعجب فقد بينا حكمها في الفتوى رقم: 71064
وأما كلمة " يا الله ماذا تفعل " فإن كان الشخص يستنجد بالله مستغربًا مما حصل، ثم يخاطب من أمامه من الناس فيقول له: ماذا تفعل فلا حرج في هذا - إن شاء الله - وأما إن كان الكلام متصلاً، فلا يجوز أن يخاطب شخص بـ "يا الله".
وعلى المسلم أن يمسك لسانه إلا من خير, ويتحرى الألفاظ الواضحة والشرعية في كل أحواله وأقواله.
وليعلم أن كل قول محسوب عليه: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] وقد قال عمر بن عبد العزيز: من عد كلامه من عمله قل كلامه. أخرجه عبدالرزاق في المصنف.
والله أعلم.