السؤال
حدث بيني وبين زوجي خلاف؛ لأنني صارحته بشكي فيه, فغضب كثيرًا, وحلف عليَّ قائلًا: "عليّ الطلاق بالثلاث إن تكلمت في الأمر ثانية ليكونن فاصلًا بيني وبينك" وخرج من البيت ثم عاد فناداني لنتكلم, وصارحته بشكوكي كلها, وأفهمني ما حدث, وتصالحنا, وجاء بعدها ذكر الأمر في كلامي, وعندما سألته: هل كان يقصد طلاقًا؟ قال: لا, ولكنه كان يريد تخويفي, وهو لا يفكر في الطلاق أبدًا, فهل هذه تقع طلقة؟
وكل التقدير والاحترام للموقع والعاملين عليه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فالجمهور على أن الحلف بالطلاق - سواء أريد به الطلاق, أو التهديد, أو المنع, أو الحث, أو التأكيد - يقع به الطلاق عند وقوع الحنث, وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثًا - وهو المفتى به عندنا - خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق, وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين, ولا يقع به طلاق, وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظري الفتوى رقم: 11592
وهذه الصيغة التي تلفظ بها الزوج تسمى تعليق التعليق, فلا يقع فيها الطلاق الثلاث إلا بحصول أمرين: الأول: مخالفتك له في تكليمه في الأمر، والثاني: عدم إنفاذه الوعيد الذي توعدك به إذا خالفته، وانظري الفتوى رقم: 164221, والمرجع في تعيين ما حلف عليه الزوج إلى نيته كما بيناه في الفتوى رقم: 35891, فينظر فيما قصده بيمينه، فإن كان قصد منعك من تكليمه بخصوص شكوكك في وقت معين أو حال معينة فإن يمينه تتقيد بذلك, وإذا كنت لم تكلميه على الحال التي منعك منها فلم يحصل حنث في يمينه ولا إشكال إذن، أما إن كنت خالفت زوجك في ما منعك منه من الكلام معه - كما هو الظاهر من السؤال - فإن حنثه في اليمين يتوقف على عدم إنفاذه ما توعدك به إذا خالفت أمره، فإذا أنفذ وعيده لك فلا حنث حينئذ، وأما إذا لم ينفذه فإنك تطلقين منه ثلاثًا، والحنث حينئذ يكون بفوات الزمن الذي نوى إيقاع الوعيد فيه, أو فوات آخر زمان إمكان الفعل إن كان لم يحدد له زمانًا معينًا، وانظري الفتوى رقم: 160255.
وما دامت المسألة فيها نوع من التعقيد وتحتاج إلى استفصال ووقوف على قصد الزوج فينبغي عرضها على المحكمة الشرعية أو على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوقين ببلدكم, وننصح الزوج باجتناب الحلف بالطلاق؛ فإنه من أيمان الفساق, وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، كما ننصحك بطاعة زوجك في المعروف, وأن تحسني عشرته, وتحسني الظن به، فإن الأصل في المسلم السلامة, والواجب إحسان الظن به ما لم تظهر منه ريبة.
والله أعلم.