السؤال
أنا من المتابعين لموقعكم، وأتصفحه صباحًا قبل بدء العمل, وأطلع على ما استجد من فتاوى، والحقيقة أنه استرعى انتباهي مسألة كثر فيها الحديث والسؤال وهي: مسألة زواج الرجل أو المرأة في الجنة، سواء من شخص مات قبل الزواج, أو من شخص لا يريد السائل أن يتزوج به في الجنة لسوء خلقه في الدنيا, كما يفهم من سؤاله، وملاحظتي هي أنه يتم السؤال عن هذا الأمر بشكل يفهم منه أن دخول الجنة مضمون، هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى: إن الحقد والحسد والغل ينزع من الصدور، والسؤال: هل يجوز أن يسأل الشخص مثل هذه الأسئلة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأولى هو الحرص على الأسباب التي تنال بها الجنة, والعمل لتحقيقها, فيسعى العبد ويعد العدة لدخول الجنة ويعمل لها عملها, قال تعالى: ومن أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا {الإسراء: 19}, وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي سأله متى الساعة؟ قال له: وماذا أعددت لها؟ رواه البخاري من حديث أنس - رضي الله عنه - قال الكرماني: سلك مع السائل أسلوب الحكيم، وهو تلقي السائل بغير ما يطلب مما يهمه أو هو أهم، وقال في فوائده: فيه أن من حسن إسلام المرء اشتغاله بما يعنيه وتركه ما لا يعنيه، وأن الاستعداد للدار الآخرة والعمل لما بعد الموت هو الشيء المهم الذي يجب أن تصرف إليه الهمم. انتهى.
ثم إنه لا حرج في السؤال عن هذا الأمر لأن الأصل في السؤال عنه هو الجواز إن لم يثبت ما يفيد المنع؛ ومما يستأنس به لجوازه ما ورد عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله: المرأة تتزوج مرتين في الدنيا فيموتان ونموت فلمن تكون هي في الآخرة؟ قال: لأحسنهما خلقًا يا أم سلمة، ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة. رواه الدارقطني.
والله أعلم.