الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مبنى اليمين على نية الحالف

السؤال

زوجتي ركبت السيارة وعملت حادثا، ومن شدة الغضب رميت المفاتيح في وجهها، وتلفظت ببعض الألفاظ وحلفت وقلت لها:
علي الطلاق بالثلاثة ما تركبيها مدى الحياة ـ وقصدت سياقة السيارة ولم يكن في نيتي الطلاق ولا أستطيع بيع السيارة فهي مرهونة للبنك، فهل يقع الطلاق أم يجوز لي التكفير؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجمهور على أن الحلف بالطلاق ـ سواء أريد به الطلاق أو التهديد أو المنع أو الحث أو التأكيد ـ يقع به الطلاق عند وقوع الحنث، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً ـ وهو المفتى به عندنا ـ خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظري الفتوى رقم: 11592.
وعليه، فالمفتى به عندنا أن زوجتك إذا ركبت السيارة على الوجه الذي قصدته بيمينك وهو على ما ذكرت أن تكون سائقة وقع طلاقك ثلاثا وبانت منك زوجتك بينونة كبرى، فالمرجع في تحديد الصورة التي يحصل بها الحنث إلى قصدك بما تلفظت به، فإن كنت قصدت منعها من قيادة السيارة ولم تقصد منعها من الركوب مطلقا فلا يحصل الحنث إلا بقيادتها السيارة، فالنية تخصص العام وتقيد المطلق، قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... والمخالف يتنوع أنواعا، أحدها، أن ينوي بالعام الخاص، مثل أن يحلف لا يأكل لحما ولا فاكهة، ويريد لحما بعينه، وفاكهة بعينها ومنها أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه.....

وأما على قول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فلا يقع طلاق ولكن عليك بالحنث كفارة يمين بالله مبينة في الفتوى رقم: 2022.
واعلم أن الحلف المشروع يكون بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق, وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني