السؤال
توفي والدي، وعليه دين لسيدة، توفيت، وليس لها أحد لا زوج، ولا ولد، ولا نعرف عن عائلتها أي شيء، ولا نعرف منهم أحدا.
فلمن نخرج هذا الدين؟ أيضا والدي له بنت كبيرة في السن، وغير متزوجة، ومحتاجة، وأيضا والدتي متأزمة ماديا.
فهل يجوز إخراج هذا الدين لأختي وأمي؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يجب عليكم إن ترك والدكم ما يسدد به دينه، أن تبادروا إلى سداد هذا الدين إلى ورثة هذه الميتة الدائنة، إلا أن يتعذر معرفتهم والوصول إليهم. فإذا حصل اليأس من ذلك، تصدقتم بهذا المال عن الدائن مع ضمانه إن ظهر وارث يوما ما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: .. قال العلماء: إن ما يجهل مالكه من الأموال التي قبضت بغير حق كالمكوس، أو قبضت بحق كالوديعة والعارية وجهل صاحبها بحيث تعذر ردها عليه؛ فإنها تصرف في مصالح المسلمين، وتكون حلالا لمن أخذها بحق، كأهل الحاجة، والاستعانة بها على مصالح المسلمين، دون من أخذها بباطل، كمن يأخذ فوق حقه. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى تحت هذه المسألة : (ويتصدق) مديون (بديون عليه جهل أربابها ببلده) التي استدان من أهلها (نصا).
قال ابن رجب: [الديون المستحقة كالأعيان] يتصدق بها عن مستحقيها، ونصه في رواية صالح: من كانت عنده ودائع، فوكل في دفعها، ثم مات، وجهل ربها، وأيس من الاطلاع عليه، يتصدق بها الوكيل، وورثة الموكل في البلد الذي كان صاحبها فيه حيث يرون أنه كان، وهم ضامنون إذا ظهر له وارث، واعتبار الصدقة في موضع الملك مع الجهل به، وقد نص على مثله في الغصب وفي مال الشبهة، واحتج بأن عمر جعل الدية على أهل القرية إذا جهل القاتل، ووجه الحجة منه أن الغرم إنما اختص بأهل المكان الذي فيه الجاني؛ لأن الظاهر أن الجاني أو عاقلة المختصين بالغرم لا يخلو المكان عنهم، فكذلك الصدقة بالمال المجهول مالكه ينبغي أن يختص بأهل مكانه؛ لأنه أقرب إلى وصول المال إليه إن كان موجودا، أو إلى ورثته، ويراعى في ذلك الفقراء، لأنها صدقة.
وإن كانت الأم والأخت من أهل الحاجة والفقر، جاز التصدق بهذا المال عليهما.
والله أعلم.