الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته: والله إذا لم أتزوج عليك فأنت طالق بالثلاث

السؤال

قال لي زوجي وهو واقف قبل أن يخرج ـ وهو غاضب ـ والله إذا لم أتزوج عليك وآتي بها عندك هنا فأنت طالق بالثلاث ـ وقالها أيضا عندما كان جالسا وهو أيضا غاضب جدا يريد قهري والتأكيد لي بأنه قادر على الزواج، علما بأن هذا الكلام وقع في طهر جامعني فيه
ونرغب في الرجوع، وقد قرأت كثيرا أن الطلاق المعلق لا يقع في طهر جامعها فيه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد علق زوجك طلاقك ثلاثا على عدم تزوجه عليك، فلا يقع الطلاق إلا بفوات زواجه عليك، قال ابن قدامة رحمه الله: فَإِنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ.

وفوات ما حلف عليه زوجك يحصل بالموت، لأنه آخر زمان الإمكان، قال ابن قدامة رحمه الله: إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك، وَمَاتَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا، وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَطْلُقُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ.

ويرى المالكية أن الحالف إذا عزم على عدم فعل المحلوف عليه حصل الحنث فور العزم، قال عليش رحمه الله: وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ كَعَدَمِ الْفِعْلِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَكُونُ مُظَاهِرًا عِنْدَ الْيَأْسِ، أَوْ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ التَّزْوِيجِ.
وهذا كله على مذهب الجمهور.

أما شيخ الإسلام ابن تيمية فيرى أن الطلاق المعلق بغرض التهديد أو الحث أو المنع أو التأكيد لا يقع بحصول المعلق عليه، وإنما تجب كفارة يمين، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 11592.

واعلمي أن الطلاق في الحيض أو الطهر الذي حصل فيه جماع طلاق بدعي محرم، لكنه واقع عند أكثر أهل العلم، وانظري الفتوى رقم: 5584.

أما تعليق الطلاق أثناء الحيض أو الطهر الذي حصل فيه جماع فليس ببدعة، ولكن العبرة بوقت وقوع الطلاق لا التعليق، فإذا تحقق شرط الطلاق في طهر لم يجامعها فيه كان طلاق سنة، قال السرخسي: وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْحَائِضِ: إذَا طَهُرْتِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَانَ هَذَا طَلَاقًا لِلسُّنَّةِ.

والذي ننصحكم به أن تعرضوا مسألتكم على المحكمة الشرعية أو على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوقين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني