السؤال
بالنسبة لحب المسلم لأخيه المسلم ما يحب لنفسه: فهناك بعض المسلمين الفساق الذين – ربما - لم يركعوا لله ركعة واحدة، وهناك الظلمة، وهناك من ينظر لك بتكبر ويحتقر شأنك، وأنا أود دخول جنة الفردوس، فهل أحب لهم ذلك أيضًا؟ وإن لم أحب لهم ذلك فهل أصل للإيمان التام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك فرق بين بغض الفساق من المسلمين وبغض أفعالهم، وبين أن تحب لهم ما تحب لنفسك من الخير، ومن ذلك الخير أن تحب لهم الهداية: بالمحافظة على الصلاة، وإقامة العدل، والتواضع لإخوانهم، وغير ذلك من خصال الخير، وما يتبع ذلك من دخول جنة الفردوس, قال شيخ الإسلام: فمن كان قائمًا بواجب الإيمان كان أخًا لكل مؤمن، ووجب على كل مؤمن أن يقوم بحقوقه، وإن لم يجر بينهما عقد خاص؛ فإن الله ورسوله قد عقدا الأخوة بينهما بقوله: {إنما المؤمنون إخوة} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {وددت أني قد رأيت إخواني}, ومن لم يكن خارجًا عن حقوق الإيمان وجب أن يعامل بموجب ذلك، فيحمد على حسناته؛ ويوالى عليها، وينهى عن سيئاته، ويجانب عليها بحسب الإمكان. انتهى.
وقال ابن رجب الحنبلي: يدل على أن المؤمن يسره ما يسر أخاه المؤمن, ويريد لأخيه المؤمن ما يريد لنفسه من الخير, وهذا كله إنما يأتي من كمال سلامة الصدر من الغش والغل والحسد, فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير, أو يساويه فيه؛ لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله, وينفرد بها عنهم, والإيمان يقتضي خلاف ذلك, وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء. انتهى.
وأما النفي الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. فليس المراد منه نفي أصل الإيمان، وإنما نفي كماله الواجب، قال ابن رجب - رحمه الله -: والمقصود أن من جملة خصال الإيمان الواجبة أن يحب المرء لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه, ويكره له ما يكره لنفسه, فإذا زال ذلك عنه فقد نقص إيمانه. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح هذا الحديث: ونفي الإيمان قال العلماء: المراد به نفي الإيمان الكامل, يعني لا يكمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك, وليس المراد انتفاء الإيمان بالكلية. انتهى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 119799.
والله أعلم.