الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير: والسماء بنيناها بإيد.. وهل تنافي أن الكرسي يسعها

السؤال

كيف نقارن بين قوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" وبين حديث: "أن السماوات السبع كحلقة ألقيت في أرض فلاة بالنسبة لكرسي الله, والكرسي كحلقة ألقيت في أرض فلاة بالنسبة لعرش الله"؟ وهذا معنى الحديث فلست أحفظ نصه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فللآية الكريمة وجوه متعددة لأهل التفسير نقررها أولًا, ثم نخلص إلى ما سألت عنه، جاء في تفسير القرطبي: قال ابن عباس: لقادرون, وقيل: أي وإنا لذو سعة، وبخلقها وخلق غيرها لا يضيق علينا شيء نريده, وقيل: أي: وإنا لموسعون الرزق على خلقنا, عن ابن عباس أيضًا, الحسن: وإنا لمطيقون, وعنه أيضًا: وإنا لموسعون الرزق بالمطر, وقال الضحاك: أغنيناكم، دليله: (على الموسع قدره), وقال القتبي: ذو سعة على خلقنا, والمعنى متقارب.

وقال ابن جزي: وإنا لموسعون فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن معناه قادرون, فهو من الوسع وهو الطاقة، ومنه: (على الموسع قدره) أي: القوي على الإنفاق، والآخر جعلنا السماء واسعة، أو جعلنا بينها وبين الأرض سعة، والثالث: أوسعنا الأرزاق بمطر السماء فنعم الماهدون.

وقال السعدي: لأرجائها وأنحائها، وإنا لموسعون أيضًا على عبادنا، بالرزق الذي ما ترك الله دابة في مهامه القفار، ولجج البحار، وأقطار العالم العلوي والسفلي، إلا وأوصل إليها من الرزق ما يكفيها، وساق إليها من الإحسان ما يغنيها.

أما بالنسبة لما سألت عنه: فممّا تقدم ندرك أن للآية محامل لا تجري مع الحديث في مسلك حتى ترد المقارنة بينهما، أما حمل الآية على أن المراد منها أنه تعالى جعل السماء واسعة الأرجاء والأنحاء، فهذا المحل هو الذي يجري مع الحديث في مسلك، ولا تعارض بينهما؛ لأن سعة السموات وعظم خلقها لا تنافي أن الكرسي يسعها, بل قد بين الله تعالى ذلك في كتابه حيث يقول: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ {البقرة:255}.

قال البغوي: قوله تعالى: أي ملأ وأحاط به. وقال الصابوني: أي أحاط كرسيه بالسماوات والأرض لبسطته وسعته، والسماوات السبع والأرضون بالنسبة للكرسي كحلقة ملقاة في فلاة.

فخلاصة القول: أن خلق السموات والأرض عظيم, وأنه أكبر من خلق الناس، ولكن كرسي الله تعالى يسع السموات والأرض, فهو خلق أعظم لا يقدره إلا الله تعالى.

وللفائدة فالحديث المذكور صححه الألباني في السلسلة الصحيحة بلفظ: ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة, وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني