الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي عن زوجة وابنين وابنتين

السؤال

للمتوفى محمود صالح قطعة أرض مساحتها 26 مترًا و30 سم, مقسمة على أربعة - رجلين وامرأتين: عمر محمود, وصالح محمود, وريا محمود, وعواطف محمود - مع العلم أن زوجة المتوفى تركت الثمن لابنها عمر محمود, فكم نصيب كل منهم من قطعة الأرض؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فنقول ابتداء: إن تنازل الزوجة عن نصيبها لأحد أبنائها يعتبر هبة, والهبة له وحده دون الآخرين إذا لم يكن لها مسوغ شرعي فإنها تُعتبر ظلمًا وجورًا؛ لأنها مطالبة بالعدل بين أولادها ذكورًا وإناثًا في الهبة, فإذا كانت الزوجة ما زالت حية فإنه يلزمها العدل: إما بأن ترجع فيما وهبته لابنها عمر, أو تعطي الآخرين ما يتحقق به العدل, وإذا كانت قد ماتت هي أيضًا, وكان عمر قد حاز ما وهبته له أمه في حياتها, وصار يتصرف فيه تصرف المالك, فإن الهبة ماضية في قول جمهور أهل العلم, ويأخذ عمرُ نصيب أمه, وقال بعض العلماء: تُردُ الهبة الجائرة حتى بعد الممات.

وأما إذا كان نصيبها من الأرض بقي ولم يحزه عمر إلى أن ماتت أمه, فإنه يصير تركة يقسم بين ورثتها القسمة الشرعية, ولا يستأثر به عمر لأن الهبة لم تتم, وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 101286، 103527, 6242، والفتوى رقم: 159265 عن وجوب العدل بين الأولاد في العطية ورد أو ثبوت الهبة الجائرة بعد الممات.

وأما كيفية قسمة الأرض فنقول أولًا: إذا لم يترك الميت من الورثة إلا زوجته وابنيه وبنتيه ولم يترك وارثا غيرهم - كأب أو أم أو جد أو جدة - فإن لزوجته الثمن فرضًا لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12} والباقي للأبناء والبنات تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّالْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}, فتقسم التركة على ثمانية وأربعين سهمًا, للزوجة ثمنها - ستة أسهم - ولكل ابن أربعة عشر سهمًا, ولكل بنت سبعة أسهم, وتقسم الأرض على أربعة وعشرين قيراطًا - أي على أربعة وعشرين جزءًا - للزوجة ثمنها, ثلاثة قراريط, ولكل ابن سبعة قراريط, ولكل بنت ثلاثة قراريط ونصف قيراط, ثم إذا تبين أن تنازل الزوجة لابنها عمر تنازل صحيح أخذ عمر قراريط أمه, وهذه صورة المسألة:

وهذه صورة المسألة:

جدول الفريضة الشرعية
الورثة 8 * 6 48 24 قيراط 2
زوجة 1 6 3 -

ابن

ابن

بنت

بنت

7

14

14

7

7

7

7

3

3

-

-

1

1

وأخيرًا: ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًا وشائك للغاية, ومن ثَمَّ فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية‘ فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني