الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرِّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ...

السؤال

ورد في الحديث عن الرضاع المحرم قوله صلى الله عليه وسلم: في الثدي ـ فهل هذا دليل على عدم تحريم عصر الحليب في وعاء ويشربه الطفل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت تعني قول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرِّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ ـ فهذا لا يدل على حصر التحريم على تناول الحليب من الثدي، وذلك لأن معنى في الثدي أي في زمن الثدي وهو فترة الرضاع، جاء في تحفة الأحوذي على شرح السنن: قوله: لا يحرم بتشديد الراء المكسورة، من الرضاع بفتح الراء وكسرها، إلا ما فتق الأمعاء بالنصب على أنه مفعول به، أي الذي شق أمعاء الصبي كالطعام ووقع منه موقع الغذاء، وذلك أن يكون في أوان الرضاع، والأمعاء جمع معي وهو موضع الطعام من البطن، في الثدي حال من فاعل فتق، كقوله تعالى: وتنحتون من الجبال بيوتا ـ أي كائنا في الثدي فائضا منه سواء كان بالارتضاع أو بالإيجار، ولم يرد به الاشتراط في الرضاع المحرم أن يكون من الثدي، قاله القاري، وقال الشوكاني: قوله: في الثدي أي في زمن الثدي، وهو لغة معروفة، فإن العرب تقول: مات فلان في الثدي أي في زمن الرضاع قبل الفطام، كما وقع التصريح بذلك في آخر الحديث، وكان ـ أي الرضاع ـ قبل الفطام بكسر الفاء أي زمن الفطام الشرعي. انتهى.

كما لا يحصر التحريم بالرضاع المذكور في كثير من الأحاديث بالرضاع من الثدي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة. متفق عليه.

وفي لفظ النسائي: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

فلا يدل هذا الحديث ولا غيره على عدم نشر الحرمة بغير الرضاعة من الثدي مباشرة، فقد بينا في الفتاوى التالية أرقامها: 145331، 141959، 95836، أن الذي عليه جمهور أهل العلم أنه لا فرق في الرضاعة بين أن تكون مباشرة من الثدي أو بحلب اللبن من امرأة في آلة فيشربه الرضيع، أو يصل إلى جوفه بالسعوط ـ صب اللبن في أنفه ـ أو الوجور ـ صبه في حلقه ـ وأن يكون ذلك خمس مرات معلومات، لأن الرضاع المحرم هو الذي بلغ خمس رضعات معلومات ـ على الراجح من أقوال أهل العلم ـ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 62603.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني