السؤال
سؤالي عن المواريث: قبل مدة تنازل بعض الورثة عن بيت لأخ لهم مقابل أن يدفع لهم المال بعد ما تم تقييم البيت، وبعد فترة من الزمن طالبت إحدى الأخوات بإعادة تقسيم الإرث من جديد، وقالت إنما أخذته سابقا عبارة عن هدية، فهل تتم إعادة توزيع الإرث على الكل من جديد؟ أم يتم ذلك على الشخص الذي طلبه فقط؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيظهر لنا من السؤال أن هناك نزاعا بين الورثة، ولا يمكننا أن نفتي في هذه المسألة ما لم نتصور المسألة بشكل صحيح وكامل، وذلك بسماع أقوال كل الأطراف فيها، والمعلومات التي ذكرتها غير كافية لذلك، والذي يمكننا قوله لكم باختصار هو أن تنازل الورثة لأخيهم مقابل مال هو في حقيقته بيع، فإن أنكرت إحدى الأخوات البيع وادعت أن ما أخذته من أخيها هبة، فهذه المسألة يجري فيها قول العلماء فيما إذا اختلف شخصان فقال أحدهما بعتك، وقال الآخر بل وهبتني, جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وَإِنْ قَالَ قَابِضٌ وَهَبْتَنِي مَا بِيَدَيَّ وَقَالَ مُقْبِضٌ بَلْ بِعْتُكَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَنْكَرَ وَلَا يَصِحُّ أَيْ: لَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ وَلَا الْهِبَةُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا.... اهـ.
وأما بقية الإخوة المقرين بالبيع: فالمعاملة في حقهم ماضية من حيث الأصل، وعلى كل فأنت ترين أن الأمر يحتاج إلى إقامة بينة فيما اختلف فيه ثم تحالف، وهذا يكون عند المحكمة الشرعية، فلا بد من رفع الأمر إليها، لأن مسألتكم أحوج إلى القضاء منها إلى الإفتاء، فإن لم توجد محكمة شرعية فننصحكم بمشافهة أهل العلم بها حتى يتم سماع كل الأطراف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: يَا عَلِيُّ إِذَا جَلَسَ إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ. رواه أحمد وأبو داود.
والله أعلم.