السؤال
إذا كان المني طاهرا، والمذي من مكوناته، أليس المذي طاهر أيضاً؟ من القائلون بطهارته؟
عمر قال: إن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل. فما الإسناد وهل هو حديث؟
إذا كان المني طاهرا، والمذي من مكوناته، أليس المذي طاهر أيضاً؟ من القائلون بطهارته؟
عمر قال: إن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل. فما الإسناد وهل هو حديث؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال يشتمل على شقين منفصلين:
أما الشق الأول ـ وهو ما يتعلق بنجاسة المذي، فقد نقل طوائف من أهل العلم الاتفاق على نجاسته، فانظرهم في الفتوى رقم: 184645 .
لكن نقل المرداوي الحنبلي في (الإنصاف) عن أحمد في نجاسته ثلاث روايات: النجاسة المطلقة، والعفو عن يسيره، والطهارة، واختاره أبو الخطاب الكلوذاني، وابن رزين وأبو حفص البرمكي، وهذا لا ينفي وجوب النضح منها تعبدا كما اختاره البرمكي ونقله ابن رجب الحنبلي. والرواية المعتمدة في مذهب أحمد النجاسة كما ذكره المرادوي في (الإنصاف )، بل ذكر أبو بكر الخلال أن قول أحمد استقر على أن المذي كالبول.
وأما الجواب عن شبهة كون المذي من مكونات المنيّ، والمنيّ طاهر، فيكون المذي طاهرا، فلا ملازمة بين الأمرين؛ فإن الخمرة نجسة العين، لكنها إذا تحولت بنفسها فصارت خلا، طهرت عند جماهير الفقهاء، والآدمي طاهر حيا وميتا، إلا أنّ دمه الذي منه غذاؤه ونماؤه، نجس اتفاقا، وللتوسع في جواب هذه الشبهة انظر الفتوى رقم: 153465 ففيها مزيد، ونقل مفيد من كلام ابن القيم ـ رحمة الله عليه.
وأما الشق الثاني من السؤال فهو عن خبر (عمل الليل والنهار).
أما متنه: فقد قال زُبيد بن الحارث الياميُّ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ ـ رضي الله عنه ـ الْوَفَاةُ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ ـ رضي الله عنه ـ فَقَالَ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا: إِنَّ لِلَّهِ حَقًّا فِي اللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ, وَإِنَّ لِلَّهِ حَقًّا فِي النَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ, وَأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ, وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ, وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا, وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ, وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا ..."
وأما إسناده فقد جاء هذا الخبر من طريقين: طريق إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد بن الحارث.
والآخر من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن سباط مرسلا.
أما الطريق الأول فقد رواه ابن أبي شبية في مصنفه (34433)، وابن المبارك في الزهد (914)، وأبو داود في الزهد (28)، ثلاثتهم عن عبد الله بن إدريس به. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (37056) عن وكيع به. ورواه هناد بن السري في الزهد (496) عن عبدة به.
وأما الطريق الآخر : فقد رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (1/36) بإسناده عن خلاد بن يحيى عن فرط بن خليفة به. ورواه سعيد بن منصور في التفسير (942) عن يزيد بن هارون عن سعيد بن مرزبان به.
وأما سؤالك عن كونه حديثا أم لا؟ فإن كان المراد أنه من كلام النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فليس حديثا بهذا المعنى، بل يقيد فيقال فيه:(حديث موقوف) أي أنه من كلام الصحابة رضوان الله عليهم.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني