الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصد الحالف بالطلاق هو المرجع في تحديد الحكم

السؤال

أعمل وأقيم خارج مصر، وتقيم معي زوجتى بصورة غير مستمرة. وعند ما تعود إلى مصر تذهب لتقيم في منزل أسرتها، وحيث إنني أخشى الضرر على أبنائي لوجود أشخاص بمنزل أسرتها أخشى منهم على سلوك أبنائي، فقد طلبت من زوجتي مرارا أن تقيم في منزلنا، ولا يوجد عليها أي ضرر في ذلك لتوافر كافة متطلبات الحياة، والأمن به، وقربه من منزل أسرتها أيضا.
في أحد الأيام احتدم النقاش بيني وبين زوجتي لطلبي منها أن لا تقيم فى منزل أسرتها، فحلفت عليها بالطلاق وبالنص: (( علي الطلاق ما أنت رايحة عند أمك من السنة اللى جاية ) )) علما بأني أقصد بأنها لن تقيم في منزل أسرتها، وزوجتي تعلم ذلك يقيناً، ولا مجال للشك في ذلك. وقصدي أيضا بكلمة:" السنة اللى جاية" يعني من الإجازة بعد القادمة، ولا مجال للشك في ذلك أيضا، وزوجتي تعلم ذلك وكنا تناقشنا في هذا الموضوع مرارا، بمعنى أنني طلبت من زوجتي أن لا تقيم في منزل أسرتها بعد أن يستطيع أبنائي الصغار الاعتماد على أنفسهم. وهذا ما حلفت به، علما بأني لا أحلف أبدا بالطلاق، وهذه أول مرة أستخدم هذا اللفظ، مع ندمي الشديد على ذلك.
فهل يمكنني أن أكفر عن قسمي هذا؟
وما حكم الشرع في ذلك؟ وهل يمكنني التراجع عن هذا القسم، علما بأنه لم يحل أجله.
وعلما أيضا بأنه لا يوجد أي شيء غير معلوم، وغير واضح، أو لا تعلمه زوجتي في هذا الكلام، ولم أكن أنوي غير ما قصدت، وما حلفت به تعلمه زوجتي حتى قبل أن أتلفظ به والله على ما أقول شهيد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجمهور على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- ، يقع به الطلاق عند الحنث ولا يمكن التراجع عنه –وهذا هو المفتى به عندنا- لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق؛ وانظر الفتوى رقم: 11592
والمرجع في تحديد المحلوف عليه إلى قصد الحالف بما تلفظ به، فإن كنت قصدت منع زوجتك من البقاء في بيت أهلها ولم تقصد منعها من زيارتهم، فلا تحنث بزيارتهم من غير إقامة.

قال ابن قدامة (رحمه الله) : وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......، والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص، مثل أن يحلف لا يأكل لحما ولا فاكهة. ويريد لحما بعينه، وفاكهة بعينها. ومنها: أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه..... المغني لابن قدامة.

وعليه؛ فالمفتى به عندنا، أن زوجتك إذا فعلت ما نهيتها عنه من الإقامة ببيت أهلها في الفترة التي قصدتها، وقع الطلاق عليها. فإن كانت تلك الطلقة غير مكملة للثلاث، فلك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها؛ ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعا راجع الفتوى رقم: 54195 وأما التراجع عن التعليق أو اليمين فقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 154993
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني