الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب الكفارة على من حلف على شيء يظنه كما حلف فلم يكن

السؤال

ما هي كفارة الحلف الكاذب الناتج عن عدم العلم، حيث رأيت الأخبار فسمعت خبرا فقلته لفلان، ولم يصدق فحلفت له وكان الخبر إشاعة؟ وهل تجوز صلاة الفريضة في وقت النهي، ولو كانت كثيرة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالظاهر أن يمينك لا كفارة عليك فيها، لأنها من قبيل اليمين التي يحلف صاحبها على أمر يعتقده كما حلف ثم يتبين خلافه وهذه يمين لغو لا كفارة عليه فيها, قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: وَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ كَمَا حَلَفَ، فَلَمْ يَكُنْ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ, أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، يُرْوَى هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمِمَّنْ قَالَ: هَذَا لَغْوُ الْيَمِينِ، مُجَاهِدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هَذَا، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ فِي الْيَمِينِ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ حَقًّا، فَيَتَبَيَّنُ بِخِلَافِهِ، أَنَّهُ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ فِيهِ الْكَفَّارَةَ، وَلَيْسَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ.. اهـ.

ولو أردت أن تكفر احتياطا مراعاة لقول من أوجب الكفارة هنا، فهذا حسن وأبرأ للذمة, وانظر الفتوى رقم: 172205 في كفارة اليمين.

وكل ما ذكرناه هو فيما إذا كنت حلفت على الخبر المذكور، وأما لو كنت إنما حلفت على أنك سمعت هذا الخبر من جهة معينة فإنك في ذلك تكون قد حلفت على أمر صحيح ولا كفارة عليك قولا واحدا، وننصحك بالابتعاد عن التحديث بأي خبر لست متأكدا من صحته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يحدِّث بكل ما سمع. رواه مسلم.

وأما سؤالك الثاني: فإن صلاة الفريضة الفائتة تصلي في أي وقت من ليل، أو نهار حتى في أوقات النهي في قول جمهور أهل العلم, قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ الْفَائِتَةِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَغَيْرِهَا، رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ... اهـ.

وانظر الفتويين رقم: 191317، ورقم: 175229، وكلاهما عن كيفية قضاء الفوائت ولو كانت كثيرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني