السؤال
أحسن الله إليكم ونفع بكم. والدتي اشترت لنا تلفازًا بمالها الخاص، ثم بعد فترة توفيت ـ رحمها الله ـ فهل ما يشاهده الشخص في هذا التلفاز من مسلسلات وغيرها يكون على أمي منه إثم في قبرها؟ أم يكون الإثم على المشاهد فقط؟ وإن كان عليها إثم، فما الحل؟ وهل نبيعه ونتصدق بثمنه؟ أم ماذا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الرحمة لأمكم, وأن يحسن عزاءكم فيها.
وأما عما ينالها بعد وفاتها من أمر هذا الجهاز، فإذا كانت الأم في حياتها حريصة على عدم استخدامه في الحرام فنرجو أن لا ينالها إثم إذا استخدم في الحرام بعد موتها، وقد قال السفاريني ـ رحمه الله ـ في غذاء الألباب: مطلب: إذا ترك الموروث مالًا وعصى به الورثة هل يكون شريكًا لهم في المعصية أم لا؟ واعلم أنه قد كثر السؤال عن مثل هذه المسألة من أن الإنسان إذا خلف مالًا فعصى به الورثة يكون المورث شريكًا لهم في المعصية، فأجبت عنها بأنه إن كان اكتسب المال من وجه حل، وأدى الحقوق المطلوبة منه على الوجه المشروع، لم يكن وجه لمشاركة الورثة في معصيتهم بالمال بلا محال. انتهى.
وأما إن كانت لا تتحفظ من استعماله في الحرام, ولا تمنع الأولاد من ذلك فنخشى عليها من الإثم، فقد قال الله سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يس:12}.
قال ابن كثير: أي: نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي أثروها من بعدهم، فنجزيهم على ذلك أيضًا، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، كقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومَنْ سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا. رواه مسلم. اهـ.
وأما عن الحل: فنوصيكم بتربية الأبناء على الطريق المستقيم، والسلوك السليم، وتحذيرهم من السوء والمعاصي وإقناعهم بالبعد عن استعمال التلفاز في الحرام، وإذا أردتم بيعه فلا تبيعوه لمن يظن أنه يستعمله في الحرام.
والله أعلم.