الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة في التحذير من الحلف بالطلاق ونتائجه على الأسرة

السؤال

كثير من الناس يحلف بالطلاق ليُرَوِّجَ سلعته، أو ليثق الناس بصدقه، أو يجبر الآخرين على تنفيذ ما يطلب منهم، أو يثبت لزوجته أنه رجل البيت، أو يحلف بالطلاق للمزاح, ويقول: الحلف بالطلاق للمزاح لا يقع، أو يتعلل أنه يحلفه وهو غاضب، رغم أن غضبه لا يفقده عقله, ويدعي أنه لا يقع متعللًا بأن الله غفور رحيم, ويرحم الكافر ويرزقه في الدنيا، رغم أنه يحلف بالطلاق يوميًا عشرات المرات, وقد يحلف بالطلاق ولو للتهديد، ليُقِر منكرًا أو ينهى عن معروف، كأن يهدد بالطلاق إن لبست زوجته، أو ابنته النقاب، أو الحجاب، أو امتنعت عن وضع مكياج وماسكرا وكريم أساس، وطلاء أظافر، ورموش، وأظافر صناعية، وعطر، وكريم, وبودرة معطرين، وكحل وعدسات ملونة، ولبس قصير أو شفاف، أو ضيق، أو بفتحة حين تخرج من بيتها, وحين تنزل أو تصعد السلم أو المصعد الكهربائي، وحين تقف بشرفة وشباك وسطح ومدخل البيت, أو تركت النمص، أو تركت وصل الشعر، أو تركت الفلج، أو تركت الوشم، أو تركت التقشير، أو رفضت طلبه بإجراء جراحة تجميل بلا ضرورة طبية ملحة، ويهدد بالطلاق إن لبست الحجاب، أو النقاب أمام أصدقائه وجيرانه وأخيه وأقاربه من الرجال غير أبيه، أو رفضت وضع مكياج أمامهم, أو رفضت السلام عليهم، أو رفضت دخولهم البيت وزوجها غائب، أو رفضت تقبيلهم، أو تقبيل أبيه، أو معانقتهم، ويهدد بالطلاق إن شجعت فريقًا منافسًا لفريقه، ويهدد بالطلاق إن تأخرت عن إحضار الطعام، أو أحضرت طعامًا غير ما طلبه، ويهدد بالطلاق إن تأخرت في تنفيذ أي طلب له, ويهدد بالطلاق إن رفضت التدخين مثله, أو رفضت إعداد حجر النارجيلة، ويهدد بالطلاق إن رفضت إعطاءه كل مرتبها, أو لم تشاهد معه صورًا وأفلامًا إباحية, أو رفضت أن يجامعها في الدبر، أو في الحيض، أو النفاس, أو في نهار رمضان، أو في الحج والعمرة, أو رفضت أن يمارس معها الجنس الفموى, ويهدد بالطلاق إن رفضت أن ترقص له, ويهدد بالطلاق إن لم تفش أسرار أسرتها، أو صديقاتها له، أو لم تتجسس على الجيران وتبلغه بأسرارهم، أو إن لم تصور له بالمحمول النساء في الأفراح وغيرها ليرى صورهن، أو إن كلمت أهلها بالهاتف، أو ذهبت لتصلهم، أو إن صاحبت زوجته أو أبناؤه وبناته صُحبة تعينهم على حفظ القرآن وأعمال الخير، أو إن التحى ابنه، أو إن لم تفضل الأبناء على البنات، أو لم تفضل ابنًا معينًا على سائر الأبناء، والأدهى أنه لكثرة الحلف بالطلاق تجد أطفالًا دون العاشرة يقولون لبعضهم: عليّ الطلاق بالثلاثة، أرجو توجيه كلمة جامعة مانعة مؤيدة بآيات قرآنية وأحاديث صحيحة لصرف المسلمين عن التساهل في التلفظ بألفاظ الطلاق ومفرداتها المختلفة، لتحصين المسلمين والمسلمات من الوقوع في الزنا دون أن يشعروا ـ والعياذ بالله -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على اتصالك بنا, وعلى اهتمامك بحال المسلمين, وبوسيلة تبعدهم عن الوقوع في المعصية، ونفيدك أن التهديد بالطلاق لا يعد طلاقًا.

وأما عن الحلف بالطلاق: فقد جاء النهي في السنة عن الحلف بغير الله تعالى؛ وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفًا فليحلف بالله، أو ليصمت. رواه البخاري.

ويشتد النهي أكثر إذا كان ذلك بالطلاق؛ لأنه من أيمان الفساق، كما ورد ذلك في حديث اختلف في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: الطلاق والعتاق من أيمان الفساق.

والحديث له شاهد، كما قال صاحب كشف الخفاء: قلت: ويؤيده معنى حديث: ما حلف بالطلاق مؤمن، ولا استحلف به إلا منافق ـ رواه ابن عساكر. انتهى. هذا فيما يتعلق بحكم الحلف بالطلاق.

وأما من ناحية وقوع الطلاق: فإذا حلف الزوج بالطلاق, وقصد إيقاع الطلاق بتحقق المحلوف عليه وقع طلاقه، وكذا يقع الطلاق ولو قصد التهديد فقط في قول جمهور الفقهاء، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من حلف بالطلاق قاصدًا مجرد التهديد، أو المنع، أو الحنث، فإنه لا يلزمه في ذلك إلا كفارة يمين, ولو تكرر ذلك، ما دام لا يقصد بحلفه إيقاع الطلاق.

هذا وننبه إلى أن ما ذكرت من الحلف بالطلاق كي تفعل الزوجة المحرمات يعتبر منكرًا شنيعًا؛ لما فيه من ارتكاب المحرم من الحلف بالطلاق بهدف تحقيق محرم آخر.

ويجب على المحلوف عليه عدم طاعة من حلف على فعل الحرام، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومن تمسكت بطاعة الله تعالى من النساء, وفارقت هذا النوع من الرجال الذي يصر على الحرام, ويحلف بالطلاق على فعله سيعوضها الله خيرًا من هذا النوع من الرجال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2ـ 3 }.

وفي حديث المسند: إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني