الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الأحكام المترتبة على من حلّفه صديقه بالطلاق على ترك أمر ما؟

السؤال

حلّفني صديقي على ترك أمر ما وأنا لا أريد أن أحلف، فقال ردّد خلفي: "والله إن فعلت هذا الأمر فزوجتي طالق، ثم طالق، ثم طالق، وأقسم بالله إن نيتي طلاق، والله على ما أقول شهيد" ثم طلب مني أن أحلف له بصيغة أخرى، وهي: "والله إني حلفت بنية طلاق, وإن لم تكن نية طلاق فزوجتي طالق، ثم طالق، ثم طالق" فحلفت له وأنا كاره لهذا الحلف، فالصيغة الأولى في المستقبل, والثانية في الماضي، فما الأحكام المترتبة على ذلك؟ وما الحكم إن لم تكن لي نية في طلاق؟ وما الحكم إذا كانت الزوجة لا تعلم؟ وإذا كان في المسألة أكثر من قول فهل يحق لي أن أختار القول الذي أريد - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد

فأكثر أهل العلم على أن الزوج إذا علّق طلاق زوجته على شرط طلقت زوجته عند تحقق ذلك الشرط، سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد، أو التأكيد، أو المنع، وهذا هو المفتى به عندنا، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يرى أن الزوج إذا لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصد بالتعليق التهديد، أو التأكيد، أو المنع، فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه، وإنما تلزمه كفارة يمين، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وعليه، فالمفتى به عندنا أنك إذا كنت حلفت كاذبًا فقد طلقت زوجتك ثلاثًا وبانت منك بينونة كبرى، واعلم أنه لا يشترط لوقوع الطلاق علم الزوجة به، أما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فإن كنت نويت الطلاق وحنثت في يمينك فقد طلقت زوجتك طلقة واحدة، وأما إذا كنت لم تنو الطلاق فلم يقع، وعليك كفارة يمين بالله ـ وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام ـ وعليك التوبة إلى الله من حلفك بالله كاذبًا، وبعض أهل العلم يرى عليك كفارة يمين قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وإذا حلف بالتزام يمين غموس - كالصورة التي سأل عنها السائل - مثل أن يقول: الحل عليه حرام ما فعلت كذا، أو الطلاق يلزمني ما فعلت كذا، أو إن فعلت كذا، فمالي صدقة، أو فعلي الحج، أو فنسائي طوالق، أو عبيدي أحرار، فقيل: تلزمه هذه اللوازم إذا قلنا لا كفارة في الغموس، وإن قلنا: هذه أيمان مكفرة في المستقبل؛ لأنه لو لم يلزمه ذلك لخلت هذه الأيمان عن الكفارة ولزوم ما التزمه، وهو اختيار جدي ـ أبي البركات ـ وكذلك قال محمد بن مقاتل الرازي: من حلف بالكفر يمينًا غموسًا كفر, والقول الثاني: أن هذا كاليمين الغموس بالله هي من الكبائر ولا يلزمه ما التزمه من النذر والطلاق والحرام، وهو أصح القولين.

واعلم أنه لا حرج عليك في العمل بقول من أقوال أهل العلم الثقات في المسألة ما دمت مطمئنًا إلى صحة هذا القول, ولست متتبعًا لهواك، أو متلقطًا للرخص، وانظر التفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 5583، 12347، 35277.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني