السؤال
ملاحظة: هذه تكملة لنص سؤال أرسلته: لتملئ قلبي بمشاعر حب صادقة تبعث في الأمل على الحياة تقول لي نفسي المؤمنة، يجب عليك أن تصبر فإن هناك ما يسمى بالصبر على العبادة، مما يجعلني أبتعد مرة أخرى، ولكن توقعني نفسي البشرية في شباك المعاصي مرة أخرى، فأنا في صراع وأكاد أختنق، أريد الكثير من الأشياء ويردعني ديني، أحتاج إلى من أفرغ فيه الحنان، أحتاج إلى زوجة، ولكنني لا أستطيع، فأنتهي إلى فعل ما هو حرام، فماذا أفعل؟ أفكر في الانتحار وأقول في نفسي لا والله، إني أقوى من أن أسلم نفسي للشيطان، أو أن أغضب ربي فانسي ذلك، وباختصار شديد: فأنا أنازع نفسي وأتناقض مع نفسي لا أستطيع الاستقامة مع نفسية واحدة، فماذا أفعل؟ قضيت الكثير من الساعات، بل ساعات بقدر أيام بحثا عن إجابة تريحني وتنقذني، أو عن حل نافع دون جدوى.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق وأن اشتكى إلينا شباب من مثل ما تشتكي منه ـ أخي السائل ـ وأصدرنا فتوى فيها جملة من النصائح لو عملت بها لصلح حالك واستقامت توبتك ـ إن شاء الله تعالى ـ والفتوى برقم: 194891، بعنوان: نصائح لمن أدمن العادة السرية والمواقع الإباحية.
والذي يمكننا إضافته هنا ونؤكد عليه هو أن تبتعد كل البعد عن الدخول على الإنترنت وأنت على تلك الحال من ضعف الإيمان وشدة الشهوة، فإن الدخول إلى ذلك العالَم مع ضعف الإيمان يجر صاحبه إلى ما هو أسوأ مما أنت عليه الآن. ولذا، فإن أول خطوة تتخذها في طريق التوبة هو عدم الدخول إليه وقطع علاقتك به كليا إلا لما لا بد منه من أمر الدراسة أو نحوها مما لا مجال للاستغناء عنه, وإذا تركته وجدت ـ إن شاء الله تعالى ـ أثر ذلك في استقامتك على التوبة وعدم العودة إلى ما كنت تفعله، وقد دلت السنة على أن ترك البيئة الفاسدة من أعظم أسباب الاستقامة على التوبة وعدم العودة إلى الذنب، كما في حديث الرجل الذي قتل مائة نفس، فإنه أُمِرَ بترك بلدته والذهاب إلى بلدة فيها أناس صالحون يعبد الله معهم، فصحت توبته عندما عمل بتلك النصيحة, وتذكر أنك في مقتبل العمر وأول الطريق، وهذا يعني أن بين يديك فرصة عظيمة، لأن تبدأ حياتك بالطاعة وتملأ شبابك بها وتكون ممن يظلهم الله تعالى بظله يوم لا ظل إلا ظله، كما جاء في الحديث: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ... وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ... متفق عليه.
فلا تسود صفحتك بالمعاصي واصبر عن معصية الله تعالى، وأما التفكير في الانتحار: فإن هذا من الشيطان, والانتحار لن يخلصك مما أنت فيه من ألم المعصية، بل سينقلك إلى سخط الله تعالى وعذابه الأليم، وقد جاء في الحديث الصحيح: مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. متفق عليه.
فاحذر من تلك الوساوس واستعن بالله تعالى واجتهد في دعائه أن يطهر قلبك, وانظر الفتوى رقم: 174381 عن نصائح لمن تزين له نفسه فعل المعاصي, والفتوى رقم: 186103، حول نصائح لمن أراد سلوك طريق الاستقامة، والفتوى رقم: 181997، عن نصائح لمواجهة غواية الشيطان.
والله أعلم.