الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكسب من مشاركة من يعتدي على برامج محمية

السؤال

سأقوم بشرح حالتي، وأرجو من الله أن أوفق في عرضها واستيفاء جميع جوانبها.
أعيش في بلد يمر بظروف اقتصادية صعبة, وأصبح البحث عن لقمة العيش هو الشغل الشاغل لجميع أفراد المجتمع خاصة الشباب, الحمد الله، قد منَّ الله علي بوظيفة مستقرة، ولكني كنت أدعو الله بأن يفتح علي المزيد من أبواب رزقه. والحمد لله تم ذلك, وهداني الله للعمل في مجال البرمجيات في أوقات الفراغ, حيث أقوم بعمل برامج من تصميمي وكتابتي, وكنت قبل أن أبدأ في هذا العمل قد قرأت العديد من الفتاوى التي تحدد ضوابط العمل في مثل هذا المجال, مثل العمل في المجال المباح, وتجنب البرامج المنسوخة. ففكرت بمراعاة مجال العمل بألا يكون في أمر محرم, وكذلك تجنبت البرامج المنسوخة حتى لا يتم التعدي على حقوق الآخرين, وقمت بتحميل برامج (مجانية) تعينني على العمل, ولكن في أحد البرامج وبعد أن قمت بتحميله مجانا من الإنترنت, طالبني بتفعيل النسخة من خلال إدخال بعض المعلومات مثل الاسم، ورقم البريد، والدولة, ولكنني لم أجد اسم دولتي في القائمة (فنحن نتعرض للمقاطعة من الولايات المتحدة), فقمت بذكر اسم دولة أخرى حتى يتم التفعيل, ولكن الأمر لا زال مشتبها في قلبي, هل ما فعلته حرام؟ هل لا يجوز لي استخدام البرنامج, وهل ما اكتسبته فيه شبهة, فقد كانت تدور برأسي هذه التساؤلات ورغم ذلك استلمت المبلغ، ولكنني لم أتصرف فيه بعد. كنت أقوم بطمأنة نفسي بأن البرنامج في الأصل مجاني, ولا ضرر على المالك طالما أنني قمت بتحميله مباشرة من موقعه الإلكتروني, وجاءتني فكرة أن أسافر لإحدى الدول وأقوم بالتفعيل من هناك ولكن الأمر فيه مشقة, ولكن لا يزال لدي شيء في قلبي, وكل هذه الأشياء قلبت فرحتي بهذا العمل إلى هم وغم، ولا أدرى ما السبيل إلى الخلاص.
هل ما قمت به صحيح ولا ضرر فيه, وهل أواصل في هذا العمل أم أتوقف؟ وما حكم المال المكتسب من هذا العمل؟ وهل يجوز استخدام البرامج التي بها شروط تمنع استخدام البعض لها(كمنع دول معينة من الاستفادة منها) حتى ولو كانت مجانية؟
وإذا كان هذا العمل باستخدام البرامج المجانية(بالصورة أعلاه) مباحا, هل يجوز لي العمل مع شريك يستخدم برامج منسوخة, كأن نشترك معا في عمل تطبيق، فأقوم بعمل جزئيتي الخاصة باستخدام برامجي المجانية، ويقوم هو بعمل جزئيته باستخدام برامجه المنسوخة, هل يكون نصيبي من المبلغ حلالا؟
أخيرا هل أقوم بالبحث والتمحيص في كل باب يفتحه الله لي, أم أعتبره رزقا ساقه الله لي وأعمل بقاعدة قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما كتابتك لاسم دولة غير دولتك لعدم وجود اسم دولتك في الخيارات المتاحة، فهو من جملة الكذب والأصل حرمته، لكن الظاهر أن طلب ذلك لتنزيل البرنامج لا يؤثر ما لم ينص في شروط الإذن على منع ذلك، أو أن صاحبه لا يأذن فيه لأهل تلك الدولة، فيجب التزام شرطه حينئذ، وليس لمن لا تتوفر فيه شروط استحقاق الانتفاع بالبرنامج الاعتداء عليه كما لو خصص الطلاب مثلا أو الفقراء أو نحو ذلك فليس لغيرهم تنزيله؛ لأن صاحبه إنما أذن فيه لمن عينهم بالوصف.

غير أن المتبادر هو أن تلك الإجراءات ليست ذا بال، ولا يقصد بها التخصيص والمنع. وعليه فالذي نراه أنه لا حرج عليك فيما الا نتفاع بالبرنامج المذكور وما كسبت من العمل به.

وأما كتابتك لاسم دولة غير دولتك، فاستغفر الله منه؛ لأنه من جملة الكذب.

وأما مشاركة من يعتدي على البرامج المحمية ويعمل على برامج مقرصنة، فلا تجوز؛ لأنه من التعاون معه على إثمه وقد نهى الله عن ذلك في قوله: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}. وقد بينا ما يجب على من يعمل ببرامج منسوخة في الفتوى رقم:155939.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني