السؤال
أنا فتاة كنت قد عقدت قِراني في السنة الماضية, ولم يدخل بي إلى الآن, وقد حصلت العديد من المشاكل بيني وبين عائلة زوجي, ومن بين المشاكل أن أمّه - سامحها الله - تجبرني أن أجلس مجالس فيها اختلاط وميوعة, ولكنّي رفضت ذلك, ونعتتني بالمتزمّتة, والمشكلة أنّي سأعيش معها في نفس المنزل, وزوجي شخصيته ضعيفة أمام أمّه, حتّى أنّي طلبت الطلاق من زوجي في حالة غضب؟ فهل أعيد المهر كاملًا إليه – المصوغ, والهدايا, والملابس - أم لا؟ مع العلم أنّني تراجعت عن قراري - أي طلب الطلاق - وأردت الصّلح لكن أمّ زوجي رفضت ذلك بشدّة, ومنعتني حتّى من التّحدث مع زوجي, وكانت مصرّة على أخذ المهر - حسبي الله ونعم الوكيل - أنتظر اجابتكم - بارك الله فيكم -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت وأصبت الحق حين امتنعت عن الجلوس في هذه المجالس التي وصفتها بأنها فيها اختلاطًا وميوعة، فجزاك الله خيرًا ووفقك وسددك.
وليس من حق أم زوجك أمرك بالجلوس في مثل هذه المجالس، ففي ذلك أمر بالمنكر، وليس هذا من شأن أهل الإيمان، قال تعالى: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {التوبة:67}، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 98295.
والامتناع عن فعل الحرام لا يعتبر تزمتًا وتشددًا، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 69967 ففيها بيان حقيقة التشدد المذموم والعزيمة المحمودة.
ولا يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها إلا لمسوغ شرعي, كما بينا في الفتوى رقم: 37112.
ولا يقع الطلاق بمجرد طلب الزوجة الطلاق؛ لأن الأصل فيه أنه بيد الزوج، فإذا لم يوقعه لم يقع, ولو قدر أن طلق الزوج وكان الطلاق قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة فإن المرأة تستحق نصف المهر, وإلا فالمهر كله.
وحكم الشبكة عمومًا يختلف باختلاف الأحوال، فإن أعطيت للزوجة على سبيل الهبة وقبضتها فقد أصبحت ملكًا لها.
وإن أعطيت على أنها جزء من المهر أو جرى العرف بذلك فحكمها حكم المهر, ولتراجع الفتوى رقم: 6066 لكن إن تنازلت المرأة عما تستحقه من نصف الصداق أو الصداق كله في مقابل طلاقها صح ذلك.
وننبه إلى أمور:
الأول: أنه ينبغي الحذر من تدخل أهل الزوجة أو أهل الزوج بين الزوجين على وجه قد يفسد العلاقة بينهما.
ولا يلزم الزوج أن يطلق زوجته إذا أمرته أمه بذلك إلا إذا وجد سبب مشروع، وراجعي الفتوى رقم: 70223
الثاني: أن من حق الزوجة أن تكون في مسكن مستقل، ولا يلزمها أن تسكن مع أي من أقارب الزوج كما نص على ذلك الفقهاء، وقد نقلنا كلامهم في الفتوى رقم: 28860.
الثالث: إذا لم يتيسر للزوجة الوفاق مع زوجها وفارقها فلا تندم على ذلك, ولتسأل الله أن يبدلها خيرًا منه، وقد قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
والله أعلم.