الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين عليهم وفوقهم وعاليهم في قوله تعالى: عاليهم ثياب سندس

السؤال

ما الفرق بين عليهم وفوقهم وعاليهم في قوله تعالى: عاليهم ثياب سندس ـ بشيء من التفصيل جزاكم الله خيرا ونفع بكم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه الكلمة قرئت في القراءات المتواترة بفتح الياء على أنها منصوبة على الظرفية أو الحالية، وبإسكانها على أنها خبر مقدم وثياب مبتدأ مؤخر، أو على أنها مرفوعة على الابتداء وثياب خبر، وقرئت في الشواذ عليهم على أن على حرف جر دخل على الضمير، وهي في كل الأحوال تعني فوقهم، فقد قال أبو حيان في البحر المحيط: وقرأ عمر وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة وجمهور السبعة: عاليهم ـ بفتح الياء، وابن عباس بخلاف عنه، والأعرج وأبو جعفر وشيبة وابن محيصن ونافع وحمزة: بسكونها، وهي رواية أبان عن عاصم، وقرأ ابن مسعود والأعمش وطلحة وزيد بن علي: بالياء مضمومة، وعن الأعمش وأبان أيضا عن عاصم: بفتح الياء، وقرأ عليهم حرف جر: ابن سيرين ومجاهد وقتادة وأبو حيوة وابن أبي عبلة والزعفراني وأبان أيضا، وقرأت عائشة رضي الله عنها: علتهم بتاء التأنيث فعلا ماضيا، فثياب فاعل، ومن قرأ بالياء مضمومة فمبتدأ خبره ثياب، ومن قرأ عليهم حرف جر فثياب مبتدأ... اهـ.

وقال الشوكاني: قرأ نافع وحمزة وابن محيصن: عاليهم ـ بسكون الياء وكسر الهاء على أنه خبر مقدم وثياب مبتدأ مؤخر، أو على أن عاليهم مبتدأ وثياب مرتفع بالفاعلية وإن لم يعتمد الوصف كما هو مذهب الأخفش، وقال الفراء: هو مرفوع بالابتداء وخبره: ثياب سندس، واسم الفاعل مراد به الجمع، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الهاء على أنه ظرف في محل رفع على أنه خبر مقدم وثياب مبتدأ مؤخر كأنه قيل فوقهم ثياب، قال الفراء: إن عاليهم بمعنى فوقهم، وكذا قال ابن عطية، قال أبو حيان: عال وعالية اسم فاعل فيحتاج في كونهما ظرفين إلى أن يكون منقولا من كلام العرب، وقد تقدمه إلى هذا الزجاج، وقال: هذا مما لا نعرفه في الظروف ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء ولكنه نصب على الحال من شيئين: أحدهما: الهاء والميم في قوله: يطوف عليهم ـ أي على الأبرار: ولدان ـ عاليا الأبرار: ثياب سندس ـ أي يطوف عليهم في هذه الحال، والثاني: أن يكون حالا من الولدان: أي إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا في حال علو الثياب أبدانهم، وقال أبو علي الفارسي: العامل في الحال إما لقاهم نضرة وسرورا، وإما جزاهم بما صبروا، قال: ويجوز أن يكون ظرفا، وقرأ ابن سيرين ومجاهد وأبو حيوة وابن أبي عبلة: عليهم، وهي قراءة واضحة المعنى ظاهرة الدلالة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني