الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في الرغبة في التفوق على الأقران بدون فخر ولا كبر ولا حب شهرة

السؤال

يقول الله سبحانه وتعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين.
وأيضا يقول الإمام الحسن البصري: الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا كَالْغَرِيبِ لَا يُنَافِسُ فِي عِزِّهَا، وَلَا يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا.
أنا طالب في الجامعة لا أريد أن أكون من العشرة الأوائل فقط، بل أريد أن أكون الأول على مستوى الجامعة. وأيضا أريد أن أحصل على المناصب المرموقة، والوظائف الكبرى وذلك من خلال الطرق الحلال.
فهل هذا من العلو المذكور في الآية؟
وأيضا هل هذا يتعارض مع قول الإمام؟
من فضلكم أفتوني فأنا لدي علو في الهمة في الخير، وأريد أن أتأكد مما أفعله، وأنا أعرف أنه طالما كان الإنسان لا ينسى الآخرة فليستمتع بالدنيا كما شاء، طالما كانت لا تلهيه عن الآخرة، وطالما كان ذلك في حدود المباح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قدمنا الكلام على الآية في الفتوى رقم: 221956.

وإذا كنت ترغب في التفوق على الأقران ولا تريد الفخر, والتكبر، والعجب بالنفس, وحب الشهرة, فلا حرج عليك في الأمر، ولا سيما إن كنت تريد التمهر فيما تدرسه لتخدم دينك، ومجتمعك. ولا يتعارض هذا مع كلام الحسن.

وأما حب التفوق لمجرد التفوق على الآخرين، والتطاول عليهم به، فهو مذموم؛ لأن العبد مطالب بالتواضع، وعلى قدر تواضعه تكون رفعته ومنزلته عند الله تعالى، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد.

وما أحسن ما قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في روضة المحبين: النفوس ثلاثة:

نفس سماوية، علوية: فمحبتها منصرفة إلى المعارف، واكتساب الفضائل والكمالات الممكنة للإنسان، واجتناب الرذائل وهي مشغوفة بما يقربها من الرفيق الأعلى وذلك قوتها وغذاؤها، ودواؤها فاشتغالها بغيره هو داؤها.

ونفس سبعية غضبية: فمحبتها منصرفة إلى القهر، والبغي، والعلو في الأرض والتكبر، والرئاسة على الناس بالباطل. فلذتها في ذلك وشغفها به.

ونفس حيوانية، شهوانية: فمحبتها منصرفة إلى المأكل، والمشرب، والمنكح. وربما جمعت الأمرين فانصرفت محبتها إلى العلو في الأرض والفساد؛ كما قال الله تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. وقال في آخر السورة: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني