الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء..

السؤال

ما تفسير قوله تعالى: "زين للناس حب الشهوات من النساء"؟ ولماذا ذكر في الآية الناس, ولم يذكر الرجال؟ وهل من الطبيعي أن يكون للمرأة شهوة في النساء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلعل أوفق تفسير لهذه الآية في هذا المقام ما ذكره السعدي في تفسيره: تيسير الكريم الرحمن, حيث قال: يخبر تعالى أنه زين للناس حب الشهوات الدنيوية، وخص هذه الأمور المذكورة؛ لأنها أعظم شهوات الدنيا, وغيرها تبع لها، قال تعالى: "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها" فلما زينت لهم هذه المذكورات بما فيها من الدواعي المثيرات، تعلقت بها نفوسهم, ومالت إليها قلوبهم، وانقسموا بحسب الواقع إلى قسمين: قسم: جعلوها هي المقصود، فصارت أفكارهم, وخواطرهم, وأعمالهم الظاهرة والباطنة لها، فشغلتهم عما خلقوا لأجله، وصحبوها صحبة البهائم السائمة، يتمتعون بلذاتها ويتناولون شهواتها، ولا يبالون على أي وجه حصلوها، ولا فيما أنفقوها وصرفوها، فهؤلاء كانت زادًا لهم إلى دار الشقاء والعناء والعذاب.

والقسم الثاني: عرفوا المقصود منها, وأن الله جعلها ابتلاء وامتحانًا لعباده؛ ليعلم من يقدم طاعته ومرضاته على لذاته وشهواته، فجعلوها وسيلة لهم, وطريقًا يتزودون منها لآخرتهم, ويتمتعون بما يتمتعون به على وجه الاستعانة به على مرضاته، قد صحبوها بأبدانهم, وفارقوها بقلوبهم، وعلموا أنها كما قال الله فيها: "ذلك متاع الحياة الدنيا" فجعلوها معبرًا إلى الدار الآخرة, ومتجرًا يرجون بها الفوائد الفاخرة، فهؤلاء صارت لهم زادًا إلى ربهم.

وفي هذه الآية تسلية للفقراء الذين لا قدرة لهم على هذه الشهوات التي يقدر عليها الأغنياء، وتحذير للمغترين بها, وتزهيد لأهل العقول النيرة بها.

ولفظ "الناس" في الآية يراد به عموم الجنس البشري: الرجال والنساء؛ لأن الجميع - في الجملة - مشترك في محبة هذه الشهوات الأربع التي هي أصول الشهوات الدنيوية، والتنصيص على شهوة النساء مراد به الرجال على الخصوص, ولم تذكر شهوة الرجال؛ لأن ميل النساء إلى الرجال أضعف, كما قال الطاهر بن عاشور في تفسيره: ولم يذكر الرجال؛ لأن ميل النساء إلى الرجال أضعف في الطبع، وإنما تحصل المحبة منهن للرجال بالإلف والإحسان. انتهى

وأما ميل المرأة إلى المرأة - إن وجد - فهذا بلا شك مصادم للفطرة السوية، بل هو من أقبح الشذوذ الجنسي، فكيف يوصف بالطبيعي؟! نسأل الله العافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني